تشهد المدينة المنورة حراكاً اقتصادياً وعمرانياً غير مسبوق، حيث كشفت المؤشرات الحديثة عن استعدادات مكثفة لاستقبال أعداد متزايدة من ضيوف الرحمن، تماشياً مع المستهدفات الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. وفي مقدمة هذه الاستعدادات، برز قطاع الضيافة كأحد أكثر القطاعات نمواً، حيث سجلت أعداد الفنادق في المدينة المنورة نموًا لافتاً بلغت نسبته 93%، وهو ما يعكس حجم الاستثمار الضخم والجهود المبذولة لرفع الطاقة الاستيعابية وتجويد الخدمات المقدمة للزوار.
رؤية 2030 ومستهدفات السياحة الدينية
يأتي هذا النمو المتسارع في إطار رؤية المملكة 2030، التي وضعت نصب عينيها هدفاً طموحاً يتمثل في استقبال 30 مليون معتمر سنوياً بحلول عام 2030. وتلعب المدينة المنورة دوراً محورياً في تحقيق هذا الهدف، كونها الوجهة الثانية للحجاج والمعتمرين بعد مكة المكرمة. ولتحقيق ذلك، تضافرت جهود القطاعين العام والخاص لتطوير البنية التحتية، وتسهيل إجراءات القدوم، وتحسين تجربة الزائر منذ وصوله وحتى مغادرته، مما جعل الاستثمار في قطاع الإيواء الفندقي ضرورة ملحة لمواكبة الطلب المتزايد.
تطور البنية التحتية والخدمات اللوجستية
لا يقتصر الاستعداد على زيادة عدد الغرف الفندقية فحسب، بل يتزامن مع مشاريع عملاقة تدعم انسيابية الحركة والتنقل. فقد ساهم تشغيل قطار الحرمين السريع في تقليص زمن الرحلة بين مكة والمدينة وجدة، مما سهل حركة المعتمرين وزاد من معدلات الإشغال الفندقي. بالإضافة إلى ذلك، شهد مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي توسعات كبيرة لرفع طاقته الاستيعابية، مما يسهل استقبال الوفود من مختلف دول العالم مباشرة إلى طيبة الطيبة.
الأثر الاقتصادي والفرص الاستثمارية
يعكس النمو بنسبة 93% في عدد الفنادق جاذبية البيئة الاستثمارية في المدينة المنورة، حيث تسابقت العلامات التجارية العالمية والمحلية لتعزيز تواجدها في المنطقة المركزية والمناطق المحيطة بها. هذا التوسع لا يخدم الزوار فحسب، بل يساهم بشكل مباشر في خلق آلاف الفرص الوظيفية للشباب والشابات السعوديين في قطاعات الضيافة، التشغيل، والإرشاد السياحي، مما يعزز من مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
تحسين تجربة ضيوف الرحمن
تسعى الجهات المعنية من خلال برنامج “خدمة ضيوف الرحمن” إلى تقديم تجربة روحانية وثقافية متكاملة. فبجانب السكن المريح، يتم العمل على تطوير المواقع التاريخية والإسلامية في المدينة المنورة، وتأهيلها لاستقبال الزوار، مما يثري رحلة المعتمر ويجعلها ذكرى لا تنسى. إن هذا التكامل بين التوسع العمراني والعمق الثقافي يؤكد جاهزية المدينة المنورة لتكون نموذجاً عالمياً في إدارة الحشود وتقديم خدمات الضيافة الراقية.


