في تطور جديد يعكس مدى هشاشة الوضع الأمني في شرق أوروبا، وجهت جمهورية مولدوفا اتهامات رسمية ومباشرة إلى روسيا باختراق مجالها الجوي، وذلك عقب العثور على طائرتين مسيّرتين روسيتين سقطتا داخل الأراضي المولدوفية. وقد أثار هذا الحادث موجة من القلق الدبلوماسي والأمني في العاصمة كيشيناو، مما دفع وزارة الخارجية المولدوفية إلى إصدار بيان شديد اللهجة يدين هذه الانتهاكات المتكررة.
تفاصيل الحادث والانتهاك الجوي
أفادت السلطات المولدوفية بأن الأجهزة المختصة عثرت على حطام مسيّرتين في مناطق متفرقة من البلاد، يُعتقد أنهما من نوع "شاهد" أو مسيّرات تمويهية تستخدمها القوات الروسية لتشتيت الدفاعات الجوية الأوكرانية. ويأتي هذا الحادث في وقت تكثف فيه موسكو هجماتها الجوية على البنية التحتية الأوكرانية، وغالباً ما تتخذ هذه الهجمات مسارات جوية قريبة جداً من الحدود المولدوفية، مما يزيد من احتمالية دخول المقذوفات أو المسيّرات إلى أجواء الدولة الجارة عن طريق الخطأ أو نتيجة للمناورات الجوية.
السياق الإقليمي والخلفية التاريخية
لا يعد هذا الحادث الأول من نوعه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022. فمولدوفا، التي تقع بين أوكرانيا ورومانيا (عضو الناتو)، وجدت نفسها في قلب العاصفة الجيوسياسية رغم حيادها الدستوري. على مدار العامين الماضيين، سقط حطام صواريخ ومسيّرات عدة مرات في القرى الحدودية المولدوفية، مما تسبب في حالة من الذعر بين السكان المحليين وأدى إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي نظراً لارتباط شبكة الطاقة المولدوفية بالشبكة الأوكرانية.
التوترات السياسية بين كيشيناو وموسكو
يأتي هذا الاختراق الجوي في ظل علاقات متوترة للغاية بين الحكومة المولدوفية الموالية للغرب بقيادة الرئيسة مايا ساندو، والكرملين. وتسعى مولدوفا حثيثاً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تعتبرها موسكو تهديداً لنفوذها التقليدي في المنطقة. وتتهم كيشيناو روسيا بشن "حرب هجينة" ضدها تشمل التضليل الإعلامي، والتدخل في الانتخابات، واستخدام ورقة الطاقة للضغط الاقتصادي، والآن تأتي الانتهاكات العسكرية للمجال الجوي لتزيد الطين بلة.
التداعيات الأمنية والدولية
يحمل هذا الحادث دلالات خطيرة تتجاوز الحدود الجغرافية لمولدوفا. فهو يسلط الضوء على المخاطر التي تتعرض لها الدول غير المشاركة في النزاع نتيجة العمليات العسكرية الروسية المكثفة. وقد دعت مولدوفا المجتمع الدولي مراراً إلى الضغط على روسيا لاحترام سيادة الدول المجاورة ووقف الحرب التي تهدد الأمن الإقليمي بأسره. ويرى مراقبون أن تكرار هذه الحوادث قد يدفع مولدوفا لتعزيز تعاونها الدفاعي مع الشركاء الغربيين، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب في المنطقة.


