في إطار الجهود المستمرة لتطوير بيئة العمل الحكومي وتعزيز الهوية الوطنية، تتجه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية نحو تطبيق وتفعيل ضوابط أكثر دقة تتعلق بالمظهر العام والزي الرسمي للموظفين والموظفات في القطاع العام. وتأتي هذه الخطوة لترسيخ الانضباط المهني والتأكيد على القيم المجتمعية داخل المؤسسات الحكومية، بما يتماشى مع اللوائح التنظيمية المعمول بها.
تفاصيل الضوابط والاشتراطات الجديدة للزي
كشفت المصادر المطلعة أن التوجيهات الجديدة تركز بشكل أساسي على التزام الموظفين والموظفات بمظهر يليق بهيبة الوظيفة العامة. وقد تم تقسيم الضوابط لتشمل الفئتين بوضوح:
- بالنسبة للموظفين (الرجال): تم التأكيد على ضرورة الالتزام بارتداء الزي السعودي التقليدي الكامل، المكون من الثوب والشماغ أو الغترة، طوال ساعات العمل الرسمية. ويُستثنى من ذلك المهن التي تتطلب زياً خاصاً تفرضه طبيعة العمل (مثل الممارسين الصحيين أو المهندسين الميدانيين)، حيث يُعد الزي الوطني رمزاً سيادياً وجزءاً لا يتجزأ من الهوية البصرية لممثل الدولة.
- بالنسبة للموظفات (النساء): نصت المقترحات والضوابط على ضرورة الالتزام بالزي المحتشم الذي يغطي الجسم، مع اشتراطات صارمة تتعلق بنوعية القماش؛ حيث يجب أن يكون ساتراً غير شفاف، وفضفاضاً لا يصف تفاصيل الجسم، بما يحقق الوقار المهني ويتوافق مع الذوق العام والضوابط الشرعية.
الخلفية التنظيمية: مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات المهنة
من الناحية التنظيمية، لا تُعد هذه الضوابط مستحدثة من العدم، بل هي تفعيل وتديد لما ورد في «مدونة قواعد السلوك والأخلاقيات للوظيفة العامة» التي أقرها مجلس الوزراء السعودي. تهدف هذه المدونة في جوهرها إلى تنمية روح المسؤولية لدى الموظف العام، وتعزيز القيم المهنية والأخلاقية في علاقته برؤسائه وزملائه والمستفيدين من الخدمة. وتعتبر المواد المتعلقة بالمظهر العام ركيزة أساسية في هذه المدونة، حيث يُنظر إلى الموظف الحكومي على أنه واجهة تعكس احترام الدولة والمؤسسة التي ينتمي إليها، مما يستوجب مظهراً يعزز الثقة والاحترام المتبادل.
التوافق مع رؤية المملكة 2030 وتعزيز الهوية الوطنية
يكتسب هذا التوجه زخماً كبيراً وأهمية مضاعفة في ظل التحولات الجذرية التي تشهدها المملكة ضمن «رؤية 2030». فمن ركائز الرؤية الأساسية بناء «مجتمع حيوي» يعتز بجذوره الراسخة وهويته الوطنية المتينة. ويُعد الزي الوطني أحد أبرز المكونات الثقافية التي تميز الشخصية السعودية عالمياً. لذا، فإن إلزام موظفي القطاع العام بهذا الزي ليس مجرد إجراء إداري، بل هو رسالة ثقافية وحضارية تؤكد على الاعتزاز بالتراث والانتماء، وتعكس صورة موحدة ومنضبطة للمملكة أمام الزوار والوفود الدولية والمستثمرين.
الأثر المتوقع على بيئة العمل والإنتاجية
يرى خبراء الإدارة والموارد البشرية أن توحيد معايير الزي وضبطها يحمل انعكاسات إيجابية مباشرة على بيئة العمل، منها:
- تعزيز الاحترافية: يساهم الزي الرسمي في خلق جو من الجدية والمهنية، ويبعد بيئة العمل عن المظاهر غير الرسمية التي قد تؤثر سلباً على الانطباع العام لدى المراجعين.
- المساواة والعدالة: يقلل توحيد المعايير من الفوارق المظهرية بين الموظفين، مما يعزز روح الفريق الواحد ويوجه التركيز نحو الأداء والإنتاجية بدلاً من التنافس في المظهر.
- احترام الذوق العام: تضمن هذه الضوابط عدم حدوث أي تجاوزات تخدش الحياء أو تخالف العرف الاجتماعي، مما يوفر بيئة عمل مريحة وآمنة نفسياً لجميع المنسوبين والمراجعين.
ختاماً، يُتوقع أن يسهم التشديد على هذه الضوابط في رفع مستوى الالتزام الإداري العام، حيث يُعد احترام الزي الرسمي الخطوة الأولى نحو احترام أوقات العمل والمهام الموكلة، مما يعزز من صورة الموظف الحكومي كقدوة حسنة في المجتمع.


