أكدت وزارة المالية أن موافقة مجلس الوزراء الموقر على نظام الرقابة المالية الجديد تُعد محطة مفصلية ونقلة نوعية في مسيرة العمل المالي الحكومي، وخطوة جوهرية تهدف إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة وحماية المال العام. ويأتي هذا القرار ليعكس التزام الدولة الراسخ بتطوير الأطر التشريعية والتنظيمية التي تحكم إدارة الموارد المالية، بما يضمن تحقيق أعلى مستويات الكفاءة في الإنفاق التشغيلي والرأسمالي.
سياق الإصلاحات المالية ورؤية المملكة 2030
لا يمكن قراءة إقرار هذا النظام بمعزل عن السياق العام للإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الجذرية التي تشهدها المملكة العربية السعودية. فمنذ إطلاق رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، وضعت القيادة نصب عينيها إعادة هيكلة القطاع المالي ليكون أكثر استدامة ومرونة. ويُعد نظام الرقابة المالية الجديد جزءاً لا يتجزأ من "برنامج استدامة المالية العامة"، الذي يسعى لضبط العجز المالي ورفع كفاءة التخطيط المالي على المدى المتوسط والبعيد.
وتتكامل هذه الخطوة مع جهود وزارة المالية المستمرة في التحول من الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق المحاسبي، وهو مشروع وطني ضخم يهدف إلى توفير صورة أدق وأشمل عن المركز المالي للدولة، وحصر الأصول والالتزامات بدقة متناهية، مما يدعم متخذي القرار ببيانات مالية موثوقة.
أهداف النظام: حماية المال العام ورفع الكفاءة
أوضحت الوزارة أن النظام الجديد يتجاوز المفهوم التقليدي للرقابة المعتمد على تصيد الأخطاء، لينتقل إلى مفهوم الرقابة المانعة والمحسنة للأداء. يهدف النظام بشكل رئيسي إلى:
- التأكد من سلامة الأنظمة المالية والمحاسبية المطبقة في الجهات الحكومية.
- التحقق من أن عمليات الصرف والتحصيل تتم وفقاً للأنظمة واللوائح المعتمدة، مما يغلق أبواب الهدر المالي.
- تعزيز قدرة الأجهزة الحكومية على تنفيذ مشاريعها وبرامجها بكفاءة عالية دون تعقيدات بيروقراطية تعطل التنمية.
الأثر الاقتصادي: تعزيز الثقة وجذب الاستثمار
من المتوقع أن يُحدث هذا النظام تأثيرات إيجابية واسعة النطاق تتجاوز الحدود المحلية. فعلى الصعيد الدولي، يُعد وجود نظام رقابي متطور وشفاف عاملاً حاسماً في تعزيز ثقة المؤسسات المالية العالمية والمستثمرين الأجانب في متانة الاقتصاد الوطني وقوة حوكمته. إن الالتزام بالمعايير الدولية في الرقابة المالية يساهم بشكل مباشر في رفع التصنيف الائتماني السيادي للدولة، ويجعل بيئة الأعمال في المملكة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي تبحث دائماً عن بيئات تشريعية مستقرة وشفافة.
انعكاسات النظام على التنمية المحلية
محلياً، سيساهم النظام في توجيه الموارد المالية نحو الأولويات التنموية الحقيقية، مما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين في قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية. فكل ريال يتم توفيره من خلال منع الهدر أو رفع كفاءة الإنفاق، يُعاد ضخه في مشاريع تخدم المواطن بشكل مباشر.
ختاماً، يمثل نظام الرقابة المالية الجديد حجر زاوية في بناء منظومة مالية متكاملة، تضمن الاستغلال الأمثل للموارد وتدعم مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة التي تنشدها الدولة، ليكون الاقتصاد الوطني نموذجاً يُحتذى به في الكفاءة والشفافية.


