تشهد منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية حراكاً بيئياً واسعاً، حيث تم تحديد 39 نوعاً من النباتات والأشجار والشجيرات الملائمة للتشجير في المنطقة، وذلك بناءً على دراسات علمية وميدانية تأخذ في الاعتبار طبيعة المناخ والتربة وتوفر المياه. يأتي هذا التوجه ليعزز من الغطاء النباتي في المنطقة الشمالية، ويحولها إلى واحة خضراء تساهم في تحسين جودة الحياة.
سياق وطني طموح: مبادرة السعودية الخضراء
لا يمكن قراءة هذا التطور في منطقة الحدود الشمالية بمعزل عن السياق الوطني العام الذي تعيشه المملكة العربية السعودية. فمنذ إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لـ «مبادرة السعودية الخضراء»، وضعت المملكة نصب عينيها زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة. وتعتبر منطقة الحدود الشمالية، بمساحاتها الشاسعة وتضاريسها المتنوعة ما بين الأودية والسهول، ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات هذه المبادرة الطموحة، التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية ومكافحة التلوث والتصحر.
أهمية النباتات المحلية وتكيفها البيئي
إن اختيار 39 نوعاً محدداً لم يأتي من فراغ، بل استند إلى معايير بيئية دقيقة تركز على «النباتات المحلية» (Native Plants). تتميز هذه الأنواع، مثل الطلح والسدر والرمث والأرطى، بقدرتها الفائقة على تحمل الظروف المناخية القاسية، بما في ذلك درجات الحرارة المرتفعة وشح المياه، مما يجعلها خياراً مستداماً لا يستنزف الموارد المائية. ويعد الاعتماد على النباتات المحلية توجهاً عالمياً في مشاريع التشجير الحديثة، حيث تساهم في استعادة التوازن البيئي دون الإخلال بالنظام الطبيعي للمنطقة.
الأثر البيئي والاقتصادي المتوقع
يحمل التوسع في زراعة هذه الأنواع النباتية في الحدود الشمالية آثاراً إيجابية متعددة الأبعاد. بيئياً، ستعمل هذه الأشجار كمصدات طبيعية للرياح، مما يقلل من حدة العواصف الغبارية التي قد تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى دورها في تلطيف درجات الحرارة وتثبيت التربة ومنع انجرافها. كما ستساهم في تعزيز التنوع البيولوجي من خلال توفير موائل طبيعية للطيور والكائنات الفطرية.
أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، فإن زيادة الرقعة الخضراء تعني تحسين المشهد الحضري، وتوفير متنفسات طبيعية للسكان والزوار، مما يعزز من فرص السياحة البيئية في المنطقة. كما أن مشاريع التشجير والمشاتل المرتبطة بها تخلق فرص عمل جديدة وتدعم الاقتصاد المحلي، مما يجعل من هذا المشروع استثماراً في المستقبل وللأجيال القادمة.


