في تطور لافت للأحداث الميدانية، أفادت مصادر مطلعة بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قامت بتسليم جثامين 15 فلسطينياً، وذلك في أعقاب خطوة قامت بها حركة حماس تمثلت في تسليم أسير إسرائيلي. وتأتي هذه الخطوة في إطار عمليات التبادل المعقدة التي تجري عادة عبر وسطاء، وسط تكتم شديد على التفاصيل الدقيقة للصفقة وآلياتها التنفيذية.
تفاصيل عملية التسليم والاستلام
جرت عملية تسليم الجثامين عبر المعابر المخصصة لذلك، حيث تسلمت الطواقم الطبية الفلسطينية وهيئة الشؤون المدنية الجثامين، ليتم نقلها فوراً إلى المستشفيات لإجراء الفحوصات اللازمة والتعرف على هويات أصحابها تمهيداً لتسليمهم لذويهم. وتعد هذه الإجراءات بروتوكولاً معتاداً في مثل هذه الحالات، حيث تتطلب عمليات التسليم تنسيقاً أمنياً ولوجستياً عالياً لضمان إتمام العملية دون خروقات أمنية من أي طرف.
سياسة احتجاز الجثامين: خلفية تاريخية
لا يمكن فصل هذا الحدث عن السياق العام والسياسة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود، والمتمثلة في احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين فيما يعرف بـ "مقابر الأرقام" أو في الثلاجات. وتستخدم إسرائيل هذه السياسة كورقة ضغط ومساومة في المفاوضات المتعلقة بتبادل الأسرى والمفقودين. وتعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تشرعن احتجاز الجثامين كأداة عقابية وسياسية، وهو ما يثير دائماً انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية التي تعتبر هذا الفعل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.
الأبعاد الإنسانية والاجتماعية
يحمل استعادة الجثامين أهمية قصوى للمجتمع الفلسطيني، حيث تنتظر عشرات العائلات منذ سنوات طويلة استلام جثامين أبنائها لدفنهم وفق الشريعة الإسلامية وبما يليق بكرامة الميت. إن عودة 15 جثماناً تعني إغلاق ملف الانتظار المؤلم لـ 15 عائلة، مما يمنحهم فرصة لوداع أبنائهم وإقامة مراسم الدفن، وهو حق إنساني أصيل تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
الدلالات السياسية وتوقيت الحدث
يأتي هذا التبادل في وقت تشهد فيه المنطقة حراكاً سياسياً وأمنياً مكثفاً، حيث تلعب الوساطات الإقليمية، وتحديداً المصرية والقطرية، دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر وإتمام صفقات التبادل سواء للأحياء أو للجثامين. ويشير المراقبون إلى أن إتمام هذه الخطوة قد يكون مؤشراً على وجود تفاهمات أوسع أو محاولة لبناء إجراءات ثقة متبادلة قد تمهد الطريق لملفات أكثر تعقيداً عالقة بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بملف الأسرى والتهدئة طويلة الأمد.


