
واصلت أسواق الطاقة العالمية تسجيل مؤشرات سلبية مع إغلاق التعاملات الأسبوعية، حيث انخفضت العقود الآجلة للنفط الخام، مسجلة خسائر للشهر الرابع على التوالي. وتعيش الأسواق حالة من الترقب الحذر انتظاراً لمخرجات اجتماع تحالف «أوبك بلس» المقرر عقده غداً (الأحد)، والذي يُعول عليه المستثمرون للحصول على إشارات واضحة بشأن سياسات الإنتاج المستقبلية وما إذا كان التحالف سيتجه نحو تمديد التخفيضات أو تعديلها.
وفي التفاصيل الرقمية لجلسة التداول الأخيرة، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم شهر يناير بمقدار 14 سنتاً، أي ما يعادل 0.22%، لتستقر عند 63.20 دولار للبرميل عند التسوية. كما سجلت عقود شهر فبراير، التي تعد الأكثر تداولاً ونشاطاً، خسائر بلغت 49 سنتاً لتصل إلى 62.38 دولار. وفي المقابل، هبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 10 سنتات، أو 0.17%، ليغلق عند 58.55 دولار للبرميل، وذلك بعد استئناف التداول عقب توقف قصير بسبب عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة وتعطل نظام التداول لدى مجموعة «سي إم إي».
ويأتي هذا التراجع المستمر في الأسعار مدفوعاً بشكل رئيسي ببيانات المعروض العالمي التي تثير قلق المتعاملين. فقد كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن قفزة نوعية في إنتاج النفط الأمريكي، حيث ارتفع بمقدار 44 ألف برميل يومياً خلال شهر سبتمبر، ليصل إلى مستوى قياسي تاريخي بلغ 13.84 مليون برميل يومياً. هذه الأرقام تعزز المخاوف من حدوث تخمة في المعروض (فائض) في الأسواق العالمية، مما يضغط بقوة على الأسعار نحو الأسفل رغم المحاولات المستمرة لتحقيق التوازن.
ومن الناحية التاريخية والاقتصادية، تُعد سلسلة الخسائر الشهرية هذه الأطول منذ عام 2023، مما يعكس تحديات هيكلية تواجه سوق النفط في الوقت الراهن. فبينما يسعى تحالف «أوبك بلس» للحفاظ على استقرار الأسعار من خلال إدارة المعروض، يأتي الارتفاع القياسي في الإنتاج من خارج المنظمة، وتحديداً من الولايات المتحدة، ليخلق ضغطاً مضاداً يحد من تأثير سياسات الخفض الطوعي.
وتكتسب المرحلة الحالية أهمية قصوى للاقتصاد العالمي، حيث أن استمرار انخفاض أسعار النفط قد يكون له تأثيرات متباينة؛ فمن جهة قد يسهم في كبح جماح التضخم في الدول المستهلكة للطاقة، ولكنه من جهة أخرى يضع ضغوطاً على ميزانيات الدول المنتجة التي تعتمد على عوائد النفط لتمويل مشاريعها التنموية. وتتجه الأنظار الآن صوب اجتماع الغد، حيث ستحدد قرارات «أوبك بلس» المسار القادم للأسعار في ظل هذه المعطيات المتشابكة بين وفرة المعروض ومخاوف تباطؤ الطلب العالمي.


