في خطوة نوعية تعكس التزام المملكة العربية السعودية باستعادة التوازن البيئي والحفاظ على الحياة الفطرية، أعلنت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية عن إعادة توطين "طائر الجمل" (النعام) في بيئته الطبيعية داخل المحمية، وذلك بعد غياب استمر لأكثر من 100 عام عن المنطقة. ويأتي هذا الحدث البارز ضمن الجهود الحثيثة التي تبذلها المحمية لتعزيز التنوع البيولوجي وإعادة تأهيل النظم البيئية المتدهورة، تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 ومبادرة السعودية الخضراء.
الخلفية التاريخية: عودة بعد انقراض
يتمتع طائر النعام، الذي كان يُعرف تاريخياً في شبه الجزيرة العربية باسم "طائر الجمل" لضخامة حجمه وقدرته على تحمل ظروف الصحراء القاسية، بمكانة خاصة في الموروث الثقافي والبيئي للمنطقة. وقد عاشت النعامة العربية (Struthio camelus syriacus) في سهول وصحاري المملكة لآلاف السنين، إلا أنها تعرضت لعمليات صيد جائر مكثفة أدت إلى انقراضها من البرية في منتصف القرن العشرين. وتعد عملية إعادة التوطين الحالية بمثابة تصحيح لمسار بيئي طويل، حيث يتم استخدام سلالات ذات جينات قريبة جداً من النعامة العربية الأصلية، مثل النعام أحمر الرقبة، لضمان تكيفها مع البيئة المحلية.
الأهمية البيئية والاستراتيجية للمحمية
تقع محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية في موقع استراتيجي بين مشروع "نيوم" ومشروع البحر الأحمر، وتتميز بتضاريسها المتنوعة التي تشمل الجبال والأودية والسهول الساحلية. وتعد عودة النعام إلى هذه المنطقة ركيزة أساسية في استعادة السلسلة الغذائية الطبيعية، حيث يساهم هذا الطائر في نشر بذور النباتات البرية والتحكم في الغطاء النباتي، مما يعزز من صحة النظام البيئي بشكل عام. وتعمل هيئة تطوير المحمية وفق خطط علمية مدروسة لضمان سلامة القطيع وتكاثره بشكل مستدام.
الأثر الاقتصادي والسياحي المتوقع
لا تقتصر أهمية هذا الحدث على الجانب البيئي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً اقتصادية وسياحية هامة. فمع توجه المملكة لتصبح وجهة عالمية للسياحة البيئية، يشكل وجود حيوانات فطرية ضخمة مثل النعام والمها والظباء في بيئتها الطبيعية عامل جذب رئيسي للزوار وعشاق الطبيعة من مختلف أنحاء العالم. ويسهم هذا المشروع في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل في مجالات الحماية البيئية والإرشاد السياحي، مما يرسخ مكانة المحمية كنموذج عالمي للحفاظ على الطبيعة والتنمية المستدامة في آن واحد.
