spot_img

ذات صلة

الإحصاء: استهلاك الكهرباء السكني يبلغ 161 ألف جيجاواط

أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أن إجمالي استهلاك الكهرباء في القطاع السكني بالمملكة العربية السعودية قد سجل رقماً قياسياً بلغ 161,207 جيجاواط ساعة. ويأتي هذا الإعلان ليعكس حجم الطلب المتزايد على الطاقة في ظل التوسع العمراني والنمو السكاني الذي تشهده المملكة، مما يضع قطاع الطاقة أمام تحديات وفرص جديدة لضمان استدامة الموارد وتلبية الاحتياجات الوطنية بكفاءة عالية.

السياق المناخي والديموغرافية المؤثرة

لفهم دلالات هذا الرقم الضخم، لا بد من النظر إلى السياق الجغرافي والمناخي للمملكة. حيث يُعزى الجزء الأكبر من هذا الاستهلاك إلى الطبيعة الصحراوية الحارة، مما يجعل أجهزة التكييف والتبريد مسؤولة عن نسبة كبيرة من فاتورة الكهرباء السكنية، خاصة خلال فصل الصيف الذي يمتد لعدة أشهر. وتشير التقديرات المتداولة في قطاع الطاقة إلى أن التكييف وحده قد يستحوذ على ما يقارب 70% من استهلاك الكهرباء في المباني السكنية وقت الذروة. يضاف إلى ذلك النمو السكاني الطبيعي والتوسع في إنشاء المدن والضواحي السكنية الجديدة، مما يرفع تلقائياً من منحنى الطلب السنوي على الخدمة الكهربائية.

الأثر الاقتصادي ورؤية 2030

من منظور اقتصادي، يحمل رقم 161 ألف جيجاواط دلالات عميقة تتعلق بكفاءة استخدام الموارد الهيدروكربونية. فزيادة الاستهلاك المحلي تعني استنزافاً أكبر للوقود السائل والغاز الطبيعي المستخدم في محطات التوليد، وهو ما يمثل تكلفة فرصة بديلة للاقتصاد الوطني الذي يسعى لتعظيم عوائد تصدير هذه الموارد أو استخدامها في الصناعات البتروكيماوية ذات القيمة المضافة. ومن هنا، أولت رؤية المملكة 2030 اهتماماً بالغاً بملف الطاقة، مستهدفة تحقيق التوازن المالي ورفع كفاءة الإنتاج والاستهلاك لضمان استدامة الرفاهية للمواطنين دون الإخلال بالمقدرات الطبيعية.

مبادرات كفاءة الطاقة والحلول الذكية

استجابة لهذه المعطيات، كثفت المملكة جهودها عبر عدة مسارات متوازية. يبرز في مقدمتها الدور المحوري للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، الذي فرض معايير صارمة على الأجهزة الكهربائية المنزلية ومواد العزل الحراري في المباني، بهدف تقليل الهدر. كما شكل مشروع تركيب العدادات الذكية، الذي غطى ملايين المشتركين، نقلة نوعية في تمكين المستهلكين من مراقبة أنماط استهلاكهم والتحكم بها. وتتكامل هذه الجهود مع برامج التوعية الوطنية التي تهدف إلى تغيير السلوك الاستهلاكي وترسيخ ثقافة الترشيد كقيمة مجتمعية واقتصادية.

مستقبل الطاقة: التحول نحو المصادر المتجددة

في ضوء استمرار الطلب السكني عند هذه المستويات المرتفعة، تكتسب مشاريع الطاقة المتجددة أهمية استراتيجية قصوى. حيث تعمل وزارة الطاقة على تنويع مزيج الطاقة الوطني للوصول إلى إنتاج 50% من الكهرباء عبر مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية والرياح) بحلول عام 2030، بينما يتم إنتاج النصف الآخر من الغاز الطبيعي. هذا التحول لن يساهم فقط في تلبية الطلب السكني المتنامي المتمثل في الـ 161 ألف جيجاواط وما يزيد، بل سيحقق خفضاً ملموساً في الانبعاثات الكربونية، مما يعزز مكانة المملكة كدولة رائدة في مجال الطاقة النظيفة والمحافظة على البيئة.

spot_imgspot_img