spot_img

ذات صلة

الرئيس الروسي يزور الهند الأسبوع المقبل: أبعاد استراتيجية واقتصادية

تتجه الأنظار الأسبوع المقبل نحو العاصمة الهندية نيودلهي، حيث من المقرر أن يجري الرئيس الروسي زيارة رسمية هامة إلى الهند، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتعميق الشراكة الاستراتيجية المتميزة بين البلدين. وتأتي هذه الزيارة في توقيت حيوي يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية متسارعة، مما يضفي على اللقاء المرتقب بين الزعيمين الروسي والهندي أهمية بالغة تتجاوز الحدود الإقليمية.

عمق العلاقات التاريخية بين موسكو ونيودلهي

لا يمكن قراءة هذه الزيارة بمعزل عن التاريخ الطويل من التعاون بين البلدين، والذي يعود إلى حقبة الاتحاد السوفيتي. لطالما وصفت العلاقات الروسية الهندية بأنها "شراكة استراتيجية خاصة ومتميزة"، حيث وقفت موسكو بجانب نيودلهي في العديد من المحطات التاريخية الحاسمة. وقد شكلت هذه العلاقة ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الهندية لعقود، معتمدة على الثقة المتبادلة والتعاون في مجالات الفضاء، والعلوم، والتكنولوجيا، والتبادل الثقافي.

ملفات الدفاع والطاقة على رأس الأجندة

من المتوقع أن تتصدر ملفات التعاون العسكري والطاقة جدول أعمال المباحثات. تعد روسيا المورد التقليدي والرئيسي للأسلحة إلى الهند، ومن المرجح أن يناقش الجانبان سير العمل في العقود الدفاعية القائمة، بما في ذلك منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل "إس-400"، بالإضافة إلى مشاريع التصنيع المشترك للأسلحة الخفيفة والصواريخ، تماشياً مع مبادرة "صنع في الهند" التي تتبناها الحكومة الهندية.

على صعيد الطاقة، أصبحت روسيا مصدراً رئيسياً للنفط الخام للهند، خاصة في ظل العقوبات الغربية التي أعادت تشكيل خريطة تدفقات الطاقة العالمية. وسيبحث الطرفان سبل تأمين إمدادات الطاقة بأسعار مستقرة، بالإضافة إلى مناقشة التوسع في مشاريع الطاقة النووية السلمية، استكمالاً للنجاحات المحققة في محطة "كودانكولام" للطاقة النووية التي تبنيها روسيا في جنوب الهند.

الأبعاد الجيوسياسية والاقتصادية للزيارة

تكتسب هذه الزيارة أهمية استثنائية في ظل الظروف الدولية الراهنة. فبينما تسعى الدول الغربية لعزل روسيا اقتصادياً وسياسياً، تحافظ الهند على موقف متوازن، داعية إلى الحوار والدبلوماسية لحل النزاعات، مع التمسك بمصالحها الوطنية وعلاقاتها التاريخية مع موسكو. ستكون الزيارة فرصة لمناقشة آليات التبادل التجاري والمدفوعات بالعملات الوطنية لتجاوز العقبات المصرفية الدولية، بهدف الوصول بحجم التبادل التجاري إلى مستويات قياسية جديدة.

ختاماً، تمثل زيارة الرئيس الروسي إلى الهند تأكيداً على أن العلاقات بين القوتين الآسيويتين لا تزال صلبة ومرنة في مواجهة الضغوط الخارجية، وأن البلدين عازمان على المضي قدماً في تطوير نظام عالمي متعدد الأقطاب يضمن مصالح الدول الصاعدة.

spot_imgspot_img