شهدت السواحل التركية مؤخراً سلسلة من الحوادث المقلقة والانفجارات التي طالت ما يُعرف باسم «أسطول الظل الروسي»، مما أثار مخاوف دولية واسعة حول سلامة الملاحة البحرية في واحدة من أكثر الممرات المائية ازدحاماً في العالم. وتأتي هذه الحوادث لتسلط الضوء على المخاطر المتزايدة التي تشكلها هذه السفن المتهالكة التي تستخدمها موسكو للتحايل على العقوبات الغربية المفروضة على صادراتها النفطية.
ما هو أسطول الظل الروسي ولماذا ظهر؟
تعود جذور هذه الأزمة إلى العقوبات الاقتصادية التي فرضتها دول مجموعة السبع (G7) والاتحاد الأوروبي على روسيا في أعقاب الحرب في أوكرانيا، وتحديداً قرار تحديد سقف لسعر النفط الروسي. للالتفاف على هذه القيود، قامت روسيا بتجميع أسطول ضخم يتكون من مئات الناقلات القديمة والمتهالكة، والتي غالباً ما تفتقر إلى الصيانة الدورية ومعايير السلامة الدولية. يُطلق على هذه السفن اسم «أسطول الظل» لأنها تعمل غالباً خارج نطاق أنظمة التأمين الغربية الموثوقة، وتلجأ لإغلاق أجهزة التتبع الآلي (AIS) لإخفاء مساراتها.
المخاطر في المضائق التركية
تكتسب هذه الحوادث أهمية خاصة نظراً لموقعها الجغرافي الحساس. تعتبر المضائق التركية (البوسفور والدردنيل) شريان حياة للتجارة العالمية ومنفذاً رئيسياً للنفط الروسي من البحر الأسود إلى الأسواق العالمية. إن وقوع انفجارات أو أعطال فنية في هذه الناقلات قبالة تركيا لا يهدد فقط بتعطيل حركة الملاحة العالمية، بل ينذر بكوارث بيئية محتملة قد تدمر النظام البيئي البحري في المنطقة، خاصة وأن هذه السفن لا تحمل عادة تأمين الحماية والتعويض (P&I) المعترف به دولياً لتغطية تكاليف تنظيف التسربات النفطية.
التداعيات الدولية والمخاوف المتصاعدة
تثير هذه الانفجارات قلقاً متزايداً لدى المجتمع الدولي والمنظمات البحرية. فبالإضافة إلى الخطر المباشر على الطواقم والسفن المجاورة، فإن استمرار عمل هذا الأسطول المتهالك يضعف فعالية العقوبات الغربية ويخلق سوقاً سوداء للنقل البحري تفتقر لأدنى معايير الأمان. وقد بدأت تركيا ودول أخرى في تشديد إجراءات التفتيش والرقابة على السفن التي تعبر مياهها الإقليمية، إلا أن الطبيعة السرية لعمليات «أسطول الظل»، بما في ذلك عمليات نقل النفط من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، تجعل من الصعب السيطرة الكاملة على هذه المخاطر المتفاقمة.
