أصدر البنك المركزي السعودي (ساما) توجيهات واضحة للمؤسسات المالية والبنوك العاملة في المملكة، تقضي بضرورة الامتناع عن الخوض في المواضيع السياسية أو القضايا الحساسة التي قد تثير الجدل، وذلك خلال مشاركتها في الفعاليات العامة، المؤتمرات، والندوات المختلفة. ويأتي هذا التوجه في إطار سعي الجهة الرقابية لتعزيز البيئة المهنية وضمان تركيز القطاع المالي على دوره الجوهري في التنمية الاقتصادية.
سياق القرار ودور «ساما» الرقابي
تعتبر هذه الخطوة امتداداً للدور التاريخي الذي يلعبه البنك المركزي السعودي في تنظيم القطاع المصرفي وحمايته من أي مخاطر قد تمس سمعته أو استقراره. فمنذ تأسيسها، عملت «ساما» على وضع أطر تنظيمية دقيقة تضمن عمل البنوك وفق أعلى المعايير المهنية، بعيداً عن التجاذبات التي لا تخدم المصلحة الاقتصادية العليا. ويؤكد هذا التوجيه على أن وظيفة البنوك هي وظيفة اقتصادية وخدمية بحتة، تهدف إلى خدمة جميع شرائح المجتمع دون تمييز أو انحياز لأي طروحات خارج السياق المالي والمصرفي.
أهمية الحياد في القطاع المصرفي
يكتسب هذا القرار أهمية بالغة في الوقت الراهن، حيث يعد الحياد ركيزة أساسية لبناء الثقة بين المؤسسات المالية وعملائها. إن انخراط المؤسسات التجارية والمالية في نقاشات سياسية أو مواضيع حساسة قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على علامتها التجارية، وقد يتسبب في استقطاب غير مرغوب فيه يؤثر على قاعدة العملاء. لذا، فإن الالتزام بالمهنية والتركيز على لغة الأرقام والخدمات هو السبيل الأمثل للحفاظ على استقرار السوق المالية وجاذبيتها.
التوافق مع رؤية المملكة 2030
يأتي هذا التوجه متناغماً بشكل كامل مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تسعى لبناء قطاع مالي قوي ومتين يساهم في تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات الأجنبية. يتطلب تحقيق هذه الرؤية بيئة أعمال تتسم بالشفافية والاحترافية العالية، حيث ينصب تركيز المؤسسات الكبرى على الابتكار المالي، والتحول الرقمي، ودعم المشاريع التنموية، بدلاً من الانشغال بقضايا قد تشتت الجهود أو تثير اللغط الإعلامي.
المعايير العالمية والسمعة الدولية
على الصعيد الدولي، تتبع البنوك المركزية الكبرى سياسات مشابهة تفرض قواعد سلوك صارمة (Code of Conduct) على المؤسسات الخاضعة لإشرافها. هذا الالتزام يعزز من مكانة القطاع المصرفي السعودي عالمياً، ويبعث برسائل طمأنة للمستثمرين الدوليين بأن السوق السعودية هي سوق تحكمها القوانين الاقتصادية والمهنية الصرفة، مما يرفع من تصنيف المملكة في مؤشرات الشفافية والحوكمة المؤسسية.


