spot_img

ذات صلة

تأييد إدانة ساركوزي في قضية بيجماليون لتمويل الانتخابات

في تطور قضائي بارز هز الأوساط السياسية الفرنسية، أيدت محكمة الاستئناف في باريس إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في القضية المعروفة إعلامياً بـ “بيجماليون”، والمتعلقة بتجاوز السقف القانوني للإنفاق في حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2012. ويأتي هذا الحكم ليثبت الإدانة للمرة الثانية، مما يضع ساركوزي في موقف قانوني وسياسي حرج، رغم نفيه المستمر لارتكاب أي مخالفات.

تفاصيل الحكم وخلفيات قضية بيجماليون

قضت محكمة الاستئناف بحبس ساركوزي لمدة عام، منها ستة أشهر مع وقف التنفيذ، وهو حكم مخفف قليلاً مقارنة بحكم المحكمة الابتدائية في عام 2021 الذي قضى بسجنه عاماً نافذاً. وتتمحور القضية حول نظام فواتير مزورة تم تنظيمه بالتعاون مع شركة العلاقات العامة “بيجماليون”، بهدف إخفاء النفقات الحقيقية للحملة الانتخابية التي خاضها ساركوزي ضد فرانسوا هولاند. وقد كشفت التحقيقات أن سقف الإنفاق المسموح به قانوناً، والمحدد بـ 22.5 مليون يورو، تم تجاوزه بما يقارب الضعف، حيث تم تحميل حزب “الاتحاد من أجل حركة شعبية” (الذي تحول لاحقاً إلى حزب الجمهوريين) تكاليف التجمعات الانتخابية الباذخة بدلاً من حساب الحملة الرسمي.

السياق التاريخي والمتاعب القضائية المتلاحقة

لا تعد هذه القضية هي المواجهة الوحيدة لساركوزي مع القضاء؛ ففي سياق متصل، يواجه الرئيس الأسبق حكماً آخر في قضية “التنصت”، حيث أدين بالفساد واستغلال النفوذ. تجعل هذه الأحكام من ساركوزي أول رئيس فرنسي سابق يُحكم عليه بالسجن النافذ، وهو حدث غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة، باستثناء الحكم السابق على جاك شيراك الذي كان مع وقف التنفيذ. يعكس هذا المسار القضائي تحولاً في تعامل القضاء الفرنسي مع الشخصيات السياسية الرفيعة، مؤكداً مبدأ عدم الحصانة المطلقة حتى لأعلى هرم السلطة بعد مغادرة المنصب.

التأثير السياسي والأهمية الإقليمية

على الرغم من تقاعده الرسمي من العمل السياسي، لا يزال ساركوزي يتمتع بنفوذ واسع داخل اليمين الفرنسي، ويُعتبر صانع ملوك في حزب الجمهوريين. إلا أن تأكيد هذه الإدانة يوجه ضربة قوية لصورته العامة وقد يقلص من دوره في تشكيل المشهد السياسي المستقبلي لليمين في فرنسا. دولياً، تتابع الأوساط الأوروبية هذه المحاكمات باهتمام بالغ، حيث تُعتبر اختباراً لاستقلالية القضاء في الديمقراطيات الغربية وقدرته على محاسبة القادة السياسيين. ومن المتوقع أن يلجأ فريق دفاع ساركوزي إلى محكمة النقض، وهي أعلى هيئة قضائية في فرنسا، في محاولة أخيرة لتعليق تنفيذ العقوبة وإلغاء الحكم، مما يعني أن المسلسل القضائي لم ينتهِ فصولاً بعد.

spot_imgspot_img