تواصل المملكة العربية السعودية تأكيد موقفها الثابت والداعم لكل ما من شأنه الحفاظ على أمن واستقرار سورية، ووحدة أراضيها، وعروبتها. ويأتي هذا التوجه في إطار رؤية المملكة الاستراتيجية التي تهدف إلى تصفير المشاكل في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك، حيث تعتبر الرياض أن استقرار دمشق هو ركيزة أساسية للأمن القومي العربي ككل.
تحولات مسار العلاقات وعودة سورية للحضن العربي
شهدت الفترة الأخيرة تحولاً جوهرياً في مسار العلاقات السعودية السورية، توجت باستئناف العلاقات الدبلوماسية وعودة سورية لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية خلال قمة جدة في مايو 2023. لم تكن هذه الخطوة مجرد إجراء بروتوكولي، بل كانت نتاج قناعة راسخة بأن الحلول السياسية والحوار هي السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية الممتدة منذ عام 2011، وأن عزل سورية لم يعد يخدم مصالح الشعب السوري أو استقرار المنطقة.
أهمية الأمن في سورية وانعكاساته الإقليمية
ينظر صناع القرار في المملكة إلى الملف السوري من منظور شمولي؛ فغياب الاستقرار في سورية أدى لسنوات إلى تداعيات خطيرة تجاوزت الحدود الجغرافية، تمثلت في انتشار التنظيمات الإرهابية، وتفاقم أزمة اللاجئين، وتزايد نشاط تهريب المخدرات عبر الحدود. لذلك، تركز الجهود السعودية الحالية على التعاون الأمني والسياسي لضبط الحدود ومكافحة الإرهاب، مما ينعكس إيجاباً على أمن دول الجوار، وتحديداً الأردن ولبنان والعراق، وبالتبعية دول الخليج العربي.
البعد الإنساني والحل السياسي الشامل
إلى جانب الشق السياسي والأمني، تولي السعودية اهتماماً كبيراً بالجانب الإنساني. فقد كانت المملكة سباقة في تقديم المساعدات الإغاثية للشعب السوري، خاصة بعد كارثة الزلزال المدمر، عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وتشدد الرياض دائماً في المحافل الدولية على ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل وفقاً للقرار الدولي 2254، بما يهيئ الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم بكرامة وأمان، وينهي معاناة الشعب السوري الشقيق.
نحو مستقبل عربي أكثر استقراراً
إن الحرص السعودي على أمن واستقرار سورية يندرج ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز التضامن العربي ورفض التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية. ومن المتوقع أن يسهم هذا التقارب في فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار في المستقبل، مما يعزز من فرص التعافي في المنطقة ويقلل من حدة التوترات الجيوسياسية التي عصفت بالشرق الأوسط طوال العقد الماضي.


