سجل القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية نمواً ملحوظاً خلال شهر أكتوبر الماضي، حيث أظهرت أحدث البيانات الرسمية ارتفاع مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 8.9% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. وتأتي هذه النتائج لتعكس استمرار الزخم في الأنشطة الاقتصادية الحيوية، مدفوعة بشكل رئيسي بانتعاش قطاع التعدين واستغلال المحاجر.
تفاصيل أداء القطاعات الصناعية
وفقاً للتقرير الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، فقد شهدت مختلف القطاعات الفرعية ارتفاعات متباينة ساهمت في تشكيل الصورة الإيجابية للمؤشر العام. وقد جاءت أبرز الأرقام على النحو التالي:
- نشاط التعدين واستغلال المحاجر: سجل الارتفاع الأعلى بنسبة 11.5%، وهو المحرك الأساسي لهذا النمو نظراً لثقله الكبير في المؤشر.
- نشاط الصناعة التحويلية: حقق نمواً بنسبة 5.5%، مما يعكس تحسن أداء المصانع وزيادة الطلب على المنتجات الوطنية.
- إمدادات الكهرباء والغاز: ارتفع الرقم القياسي لهذا النشاط بنسبة 5.1%.
- إمدادات المياه وإدارة النفايات: سجلت قفزة بنسبة 8.5%، مما يشير إلى توسع في خدمات البنية التحتية والمعالجة البيئية.
الأنشطة النفطية وغير النفطية: توازن النمو
أظهرت البيانات تفاوتاً إيجابياً في الأنشطة الاقتصادية الرئيسة؛ حيث ارتفع مؤشر الأنشطة النفطية بنسبة 10.8%، وهو ما يعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة العالمية. وفي المقابل، واصلت الأنشطة غير النفطية مسارها الصاعد مسجلة ارتفاعاً بنسبة 4.4%، وهو مؤشر حيوي على نجاح خطط التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة لتقليل الاعتماد الكلي على النفط.
السياق الاقتصادي ورؤية 2030
لا يمكن قراءة هذه الأرقام بمعزل عن السياق الاقتصادي العام للمملكة ورؤية 2030. يُعد القطاع الصناعي أحد الركائز الأساسية لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، الذي يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية. ويُظهر النمو في قطاع التعدين تحديداً نجاح الاستراتيجيات الرامية إلى استغلال الثروات المعدنية في المملكة، والتي توصف بأنها "الركيزة الثالثة" للصناعة السعودية إلى جانب النفط والبتروكيماويات.
أهمية مؤشر الإنتاج الصناعي
يكتسب مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي أهمية خاصة كونه مقياساً دقيقاً للتغيرات النسبية في حجم كميات الإنتاج الحقيقي للمواد والسلع. ويساعد هذا المؤشر صناع القرار والمستثمرين والمحللين الاقتصاديين على فهم اتجاهات السوق، وقياس كفاءة السياسات الاقتصادية المطبقة. ويعكس الارتفاع المستمر في هذا المؤشر تعافي الاقتصاد الكلي، وزيادة القدرة الإنتاجية للمنشآت الوطنية، مما يصب في النهاية في صالح نمو الناتج المحلي الإجمالي وخلق المزيد من الفرص الوظيفية.
يُذكر أن الهيئة العامة للإحصاء تعتمد في إصدار هذا التقرير الشهري على مسح شامل لعينة من المنشآت الصناعية التي تغطي أنشطة التعدين، والصناعة التحويلية، وإمدادات الطاقة والمياه، مما يضمن دقة وموثوقية البيانات الصادرة.


