في خطوة تنظيمية فارقة تهدف إلى تعزيز حقوق حاملي وثائق التأمين ورفع كفاءة السوق، أعلنت هيئة التأمين في المملكة العربية السعودية عن إلزام شركات التأمين بمعالجة وتسوية مطالبات الأفراد المستوفاة للشروط خلال مدة لا تتجاوز 5 أيام عمل. ويأتي هذا القرار ليرسم ملامح مرحلة جديدة من الشفافية وسرعة الاستجابة في قطاع حيوي يمس حياة الملايين.
خلفية القرار وسياقه التنظيمي
يُعد هذا التوجيه أحد أبرز المبادرات التي أطلقتها هيئة التأمين منذ تأسيسها رسميًا في أغسطس 2023، بعد أن انتقلت إليها المهام الإشرافية والرقابية على قطاع التأمين من البنك المركزي السعودي (ساما). يعكس تأسيس الهيئة المستقلة رؤية استراتيجية أوسع ضمن “رؤية السعودية 2030” وبرنامج تطوير القطاع المالي، والتي تهدف إلى بناء قطاع تأمين ناضج ومستقر وقادر على المنافسة عالميًا. قبل هذا القرار، كانت مدد معالجة المطالبات متفاوتة بين الشركات، مما كان يسبب أحيانًا تأخيرًا في حصول العملاء على مستحقاتهم ويثير بعض الشكاوى. لذا، جاءت هذه اللائحة لتوحيد المعايير ووضع حد أدنى واضح لجودة الخدمة المقدمة.
الأهمية والتأثير المتوقع للقرار
يحمل القرار في طياته تأثيرات إيجابية متعددة على مختلف الأطراف المعنية، ويمكن تفصيلها على النحو التالي:
- على المستوى المحلي (الأفراد والشركات): بالنسبة للأفراد، يعني القرار تسريع وتيرة الحصول على التعويضات، سواء كانت متعلقة بتأمين المركبات، أو التأمين الصحي، أو غيرها من أنواع التأمين الفردي. هذا الأمر لا يخفف الأعباء المالية عن كاهلهم بعد وقوع الخطر المؤمن منه فحسب، بل يعزز أيضًا ثقتهم في منتجات التأمين ويشجع على زيادة الإقبال عليها. أما بالنسبة لشركات التأمين، فيدفعها القرار نحو تبني التقنيات الحديثة وأتمتة عملياتها الداخلية لتكون قادرة على الوفاء بالمتطلبات الزمنية الجديدة، مما يرفع من كفاءتها التشغيلية ويخلق بيئة تنافسية مبنية على جودة الخدمة.
- على المستوى الإقليمي والدولي: يضع هذا التنظيم المملكة في مصاف الأسواق المالية المتقدمة التي تطبق أفضل الممارسات الدولية في حماية حقوق العملاء. ومن شأن هذه الخطوة أن تزيد من جاذبية سوق التأمين السعودي للاستثمارات الأجنبية والخبرات العالمية، حيث تعتبر البيئة التنظيمية الواضحة والمستقرة عاملًا أساسيًا لجذب رؤوس الأموال. كما أنها تساهم في تعزيز سمعة القطاع المالي السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
في المحصلة، لا يمثل تحديد سقف زمني لمعالجة المطالبات مجرد إجراء إداري، بل هو جزء من تحول استراتيجي يهدف إلى جعل قطاع التأمين السعودي أكثر عدالة وكفاءة وموثوقية، بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية الشاملة للمملكة.


