كشفت تقارير حديثة عن مباحثات متقدمة تجريها المملكة العربية السعودية لعقد صفقة استراتيجية مع كبرى الشركات الإيطالية المتخصصة في قطاع الطيران، بهدف إنشاء مصانع متطورة لتصنيع هياكل الطائرات العملاقة ومكوناتها داخل المملكة. وتأتي هذه الخطوة الطموحة في إطار سعي المملكة الحثيث لتعزيز قدراتها الصناعية ونقل التكنولوجيا المتقدمة إلى السوق المحلي.
أبعاد الشراكة الاستراتيجية ورؤية 2030
تندرج هذه الصفقة المحتملة ضمن مستهدفات “رؤية السعودية 2030” التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف بشكل رئيسي إلى تنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على النفط. ويُعد قطاع الصناعات العسكرية والفضائية أحد الركائز الأساسية لهذه الرؤية، حيث تسعى المملكة لتوطين ما يزيد عن 50% من الإنفاق العسكري بحلول عام 2030. إن التعاون مع الجانب الإيطالي، المعروف بخبرته العريقة في هندسة الطيران وصناعة المواد المركبة (Composite Materials)، سيمثل قفزة نوعية في توطين المعرفة الهندسية الدقيقة.
الخبرة الإيطالية ودورها في تطوير القطاع
تتمتع إيطاليا بسمعة عالمية مرموقة في مجال الطيران والفضاء، حيث تحتضن شركات عملاقة مثل “ليوناردو” (Leonardo) التي تمتلك باعاً طويلاً في تصنيع هياكل الطائرات المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى تقنيات ألياف الكربون المتقدمة. ومن المتوقع أن تشمل الصفقة المحتملة برامج تدريبية مكثفة للكوادر السعودية، مما يضمن استدامة الصناعة وخلق جيل جديد من المهندسين والفنيين السعوديين القادرين على إدارة وتشغيل خطوط الإنتاج المعقدة.
التكامل مع منظومة الطيران السعودية الجديدة
لا يمكن فصل هذه الخطوة عن الحراك الضخم الذي يشهده قطاع الطيران المدني في المملكة، والمتمثل في إطلاق شركة “طيران الرياض” والإعلان عن المخطط العام لمطار الملك سلمان الدولي. إن وجود قاعدة صناعية محلية لقطع غيار وهياكل الطائرات سيوفر دعماً لوجستياً وفنياً هائلاً لهذه الأساطيل الجوية الجديدة، مما يقلل من تكاليف الصيانة والاستيراد، ويعزز من استقلالية قطاع الطيران السعودي.
الأثر الاقتصادي المتوقع
من الناحية الاقتصادية، سيساهم هذا المشروع في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وخلق آلاف الفرص الوظيفية المباشرة وغير المباشرة في مجالات الهندسة، التصنيع، وسلاسل الإمداد. كما سيعزز موقع المملكة كمركز لوجستي وصناعي إقليمي يربط بين القارات الثلاث، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات الصناعية المتقدمة.


