تنطلق غداً في العاصمة السعودية الرياض أعمال منتدى الاستثمار السعودي الإيطالي، في حدث اقتصادي استراتيجي يهدف إلى تعزيز أواصر التعاون التجاري والاستثماري بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيطالية. ويأتي هذا المنتدى تتويجاً للعلاقات التاريخية المتينة التي تربط البلدين، وسعياً لفتح آفاق جديدة من الشراكات النوعية في مختلف القطاعات الحيوية.
ويشهد المنتدى حضوراً رفيع المستوى يضم عدداً من الوزراء والمسؤولين الحكوميين من الجانبين، بالإضافة إلى نخبة من قادة الأعمال والرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات السعودية والإيطالية. ويهدف اللقاء إلى استعراض الفرص الاستثمارية الواعدة التي تتيحها المملكة في ظل التحولات الاقتصادية الكبرى، فضلاً عن بحث سبل تذليل العقبات أمام المستثمرين وزيادة حجم التبادل التجاري.
شراكة استراتيجية تدعم رؤية 2030
يكتسب هذا المنتدى أهمية خاصة لتزامنه مع الحراك الاقتصادي الضخم الذي تقوده المملكة ضمن “رؤية السعودية 2030″، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط. وتنظر الرياض إلى روما كشريك استراتيجي هام، لا سيما وأن إيطاليا تُعد من الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) وتمتلك خبرات عريقة في قطاعات التصنيع المتقدم، والأزياء، والبنية التحتية، والطاقة، وهي مجالات تسعى السعودية لتوطينها وتطويرها محلياً لرفع المحتوى المحلي.
وفي المقابل، ترى الشركات الإيطالية في السوق السعودي بيئة خصبة للنمو والتوسع، خاصة مع المشاريع العملاقة (Giga-projects) التي تم إطلاقها مؤخراً مثل “نيوم” و”القدية” و”البحر الأحمر”. هذه المشاريع تتطلب خبرات هندسية وتقنية وفنية متقدمة تتوفر لدى الجانب الإيطالي، مما يخلق تكاملاً اقتصادياً مثالياً بين رؤوس الأموال والفرص السعودية والخبرة الفنية الإيطالية.
عمق تاريخي ومكانة دولية
لا يعد هذا التعاون وليد اللحظة، بل يستند إلى إرث تاريخي طويل، حيث ترتبط المملكة وإيطاليا بعلاقات دبلوماسية تعود لعام 1932، مما يجعل إيطاليا واحدة من أوائل الدول التي أقامت علاقات مع المملكة. وعلى الصعيد الاقتصادي، تُعد إيطاليا اليوم واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة في القارة الأوروبية، حيث يسجل الميزان التجاري بين البلدين أرقاماً مليارية تعكس عمق المصالح المشتركة.
ولا يقتصر التعاون الحالي على قطاع الطاقة والنفط والغاز فحسب، بل يمتد ليشمل قطاعات التكنولوجيا، والصناعات الدفاعية، والرعاية الصحية. كما تولي المملكة اهتماماً خاصاً بقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) الذي يشكل عصب الاقتصاد الإيطالي، حيث تطمح السعودية للاستفادة من التجربة الإيطالية الرائدة في هذا المجال لتمكين رواد الأعمال السعوديين.
آفاق المستقبل والاتفاقيات المتوقعة
من المتوقع أن يشهد المنتدى توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات بين القطاعين العام والخاص في البلدين، مما سيسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة للشباب. كما سيتضمن جدول الأعمال جلسات حوارية تناقش مستقبل الطاقة النظيفة، والتحول الرقمي، والابتكار الصناعي، مما يؤكد على أن الشراكة السعودية الإيطالية تتجاوز التجارة التقليدية لتصل إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام يخدم مصالح الشعبين الصديقين ويعزز الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.


