شاركت المملكة العربية السعودية بفاعلية في اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تُعقد في العاصمة النمساوية فيينا، وذلك في إطار سعي المملكة الدؤوب لتعزيز دورها الريادي في المشهد الدولي للطاقة، وتأكيداً على التزامها الراسخ بمبادئ الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وتأتي هذه المشاركة في وقت حيوي تشهد فيه المملكة تحولات جذرية في قطاع الطاقة ضمن مستهدفات "رؤية المملكة 2030". حيث يمثل المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة أحد الركائز الأساسية لتنويع مصادر الطاقة، بهدف تقليل الاعتماد الكلي على النفط والغاز في إنتاج الكهرباء، والتوجه نحو مزيج طاقة أكثر استدامة وكفاءة. وتنظر المملكة إلى الطاقة النووية كخيار استراتيجي لا غنى عنه لتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء وتحلية المياه، مع الحفاظ على الموارد الهيدروكربونية للأجيال القادمة ولأغراض التصدير والصناعات التحويلية.
وعلى الصعيد الدولي، تكتسب مشاركة المملكة في هذه الاجتماعات أهمية قصوى، حيث يُعد مجلس المحافظين أحد جهازي صنع السياسات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية (إلى جانب المؤتمر العام). ومن خلال هذه المنصة، تؤكد المملكة التزامها التام بالمعايير الدولية للأمن والسلامة النووية، وتدعم جهود الوكالة في تعزيز نظام الضمانات الشاملة ومنع الانتشار النووي. كما تسعى المملكة من خلال تواجدها لتعزيز التعاون التقني مع الوكالة والدول الأعضاء، للاستفادة من الخبرات العالمية في بناء القدرات البشرية وتطوير البنية التحتية اللازمة لتشغيل محطاتها النووية المستقبلية بأعلى معايير الأمان.
تاريخياً، لطالما كانت المملكة عضاً فاعلاً وداعماً لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ انضمامها، حيث ساهمت في تمويل العديد من المبادرات الرامية لتسخير الذرة من أجل السلام والتنمية، وتطوير مختبرات الوكالة. وتشدد المملكة في كافة المحافل على حق الدول في الاستفادة من التقنية النووية للأغراض السلمية، مع ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل لضمان الأمن والاستقرار الإقليمي.
ختاماً، تمثل هذه الاجتماعات فرصة سانحة للمملكة لإبراز تقدمها في الإعداد لبرنامجها النووي السلمي، وتوضيح سياساتها الشفافة التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، مما يعزز من ثقة المجتمع الدولي في التوجهات السعودية الطموحة نحو مستقبل طاقة نظيف وآمن.


