تمثل العلاقات السعودية الإماراتية نموذجاً فريداً واستثنائياً في خارطة العلاقات الدولية والعربية، حيث تستند إلى أسس راسخة من الأخوة، ووحدة المصير، والرؤى المشتركة التي تخدم مصالح الشعبين الشقيقين. ومع مرور 54 عاماً على تأسيس هذه الروابط المتينة، تواصل الرياض وأبوظبي رسم ملامح مستقبل مزدهر للمنطقة بأسرها، مرتكزتين على إرث تاريخي عميق وتنسيق سياسي واقتصادي عالي المستوى.
جذور تاريخية راسخة
لا يمكن الحديث عن العلاقات السعودية الإماراتية دون العودة إلى الجذور التاريخية التي أرساها الآباء المؤسسون. فقد بدأت هذه العلاقة تأخذ شكلها الرسمي والمؤسسي منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، حيث كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي اعترفت بالاتحاد ودعمته. وقد جمعت علاقة وطيدة بين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمهما الله-، مما مهد الطريق لعقود من التعاون المثمر والتناغم في المواقف تجاه القضايا العربية والإسلامية.
مجلس التنسيق السعودي الإماراتي
في العصر الحديث، انتقلت العلاقات بين البلدين من مرحلة التعاون الثنائي إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية الكاملة، وتوج ذلك بإنشاء "مجلس التنسيق السعودي الإماراتي". يهدف هذا المجلس إلى وضع رؤية مشتركة تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ويعمل المجلس على منظومة متكاملة من المشاريع الاستراتيجية في مجالات الاقتصاد، والتنمية البشرية، والتكامل السياسي والأمني، مما يعكس حرص القيادتين، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على دفع عجلة التنمية.
تكامل اقتصادي ورؤى مستقبلية
تعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات القوتين الاقتصاديتين الأكبر في المنطقة، ويجمعهما تكامل اقتصادي ضخم. تتوافق "رؤية المملكة 2030" مع الخطط التنموية الإماراتية في السعي نحو تنويع مصادر الدخل، والاعتماد على الاقتصاد المعرفي، والاستثمار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة. هذا التناغم الاقتصادي لم ينعكس فقط على حجم التبادل التجاري الذي يسجل أرقاماً قياسية سنوياً، بل امتد ليشمل الاستثمارات المتبادلة والسياحة البينية، مما يعزز من رفاهية المواطنين في كلا البلدين.
ركيزة للاستقرار الإقليمي
على الصعيد السياسي، تشكل الرياض وأبوظبي صمام أمان للمنطقة، حيث تتطابق وجهات النظر في معظم الملفات الإقليمية والدولية. يعمل البلدان جنباً إلى جنب لمكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن البحري، ودعم الشرعية في الدول التي تعاني من أزمات، مما يجعلهما ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط. إن شعار "السعودي إماراتي.. والإماراتي سعودي" ليس مجرد عبارة عاطفية، بل هو واقع ملموس يترجم عمق التلاحم الشعبي والرسمي بين الدولتين.


