spot_img

ذات صلة

S&P: قروض الشركات السعودية تلامس 75 مليار دولار سنوياً

توقعت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد آند بورز" (S&P) أن يشهد القطاع المالي في المملكة العربية السعودية نشاطاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة، حيث رجحت أن تصل قيمة القروض الجديدة للشركات إلى حوالي 75 مليار دولار سنوياً. يأتي هذا التوقع في ظل الزخم الكبير الذي يشهده الاقتصاد السعودي تزاماً مع تسارع وتيرة تنفيذ المشاريع العملاقة المرتبطة برؤية المملكة 2030.

محركات النمو والإنفاق الرأسمالي

أشار التقرير إلى أن هذا الارتفاع الكبير في حجم الإقراض يعكس احتياجات التمويل المتزايدة للشركات السعودية، لا سيما تلك المنخرطة في مشاريع البنية التحتية، والتطوير العقاري، والسياحة، والطاقة المتجددة. وتعمل المملكة حالياً على تنفيذ مجموعة من المشاريع الكبرى (Giga-projects) مثل "نيوم"، و"مشروع البحر الأحمر"، و"القدية"، والتي تتطلب استثمارات رأسمالية ضخمة لضمان تسليمها وفق الجداول الزمنية المحددة.

ويُعد هذا الحراك جزءاً من استراتيجية أوسع لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، مما يضع القطاع المصرفي وأسواق المال أمام مسؤولية كبيرة لتوفير السيولة اللازمة لدعم هذا التحول الاقتصادي التاريخي.

دور أسواق المال والصكوك

على الرغم من الملاءة المالية القوية التي تتمتع بها البنوك السعودية، إلا أن وكالة "S&P" وغيرها من المؤسسات المالية الدولية ترى أن القطاع المصرفي وحده قد لا يكون قادراً على تلبية كافة الاحتياجات التمويلية الهائلة لهذه المشاريع. ومن هنا، تبرز أهمية أسواق الدين المحلية والدولية.

من المتوقع أن تلجأ العديد من الشركات السعودية الكبرى إلى إصدار السندات والصكوك كأدوات تمويلية بديلة أو مكملة للقروض المصرفية التقليدية. هذا التوجه لا يساعد فقط في توفير السيولة، بل يساهم أيضاً في تعميق سوق الدين السعودي وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة إلى المملكة.

انعكاسات إيجابية على الاقتصاد غير النفطي

يحمل هذا النمو في الإقراض دلالات إيجابية لمستقبل الاقتصاد غير النفطي في السعودية. فزيادة التمويل تعني زيادة في الأنشطة التشغيلية، وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، وتعزيز دور القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي. وتُظهر المؤشرات الاقتصادية الأخيرة نمواً مستمراً في الأنشطة غير النفطية، وهو ما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030 التي تسعى لرفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.

الاستقرار المالي والتحديات

في سياق متصل، تؤكد التقارير الاقتصادية أن البنوك السعودية تحافظ على مستويات ربحية جيدة ورسملة قوية تمكنها من استيعاب الطلب المتزايد على الائتمان. ومع ذلك، تبقى إدارة السيولة ومراقبة تكاليف التمويل في ظل أسعار الفائدة العالمية الحالية من العوامل التي تأخذها المؤسسات المالية في الحسبان لضمان استدامة النمو الائتماني دون التعرض لمخاطر غير محسوبة.

ختاماً، يعكس تقرير "S&P" الثقة الدولية في متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على المضي قدماً في مشاريعه الطموحة، مدعوماً بقطاع مالي قوي وسياسات حكومية محفزة للاستثمار.

spot_imgspot_img