حققت القوات المسلحة السودانية تقدماً ميدانياً جديداً ومهماً في مسار العمليات العسكرية الجارية، حيث تمكنت من بسط سيطرتها الكاملة على منطقة "كرتالا" الواقعة في ولاية جنوب كردفان. ويأتي هذا التطور في إطار العمليات المستمرة التي يخوضها الجيش لتأمين المناطق الحيوية وطرق الإمداد في الولاية التي تشهد تعقيدات أمنية وعسكرية متعددة.
أهمية السيطرة على كرتالا
تكتسب منطقة كرتالا أهمية استراتيجية خاصة نظراً لموقعها الجغرافي الذي يربط بين عدة محاور رئيسية في جنوب كردفان. وتعتبر السيطرة عليها خطوة حاسمة في تأمين الطريق الرابط بين محليات الولاية المختلفة، لا سيما المناطق الزراعية في "هبيلا" والمناطق المحيطة بمدينة الدلنج. ويساهم هذا التقدم في تعزيز الطوق الأمني حول المدن الرئيسية وتقليص مساحة تحرك القوات المناوئة، مما يسهل عمليات التأمين وحماية القوافل التجارية والإنسانية.
السياق العام للصراع في جنوب كردفان
تعد ولاية جنوب كردفان واحدة من أكثر المناطق تعقيداً في الخارطة العسكرية السودانية، نظراً لتضاريسها الوعرة التي تضم جبال النوبة، وتاريخها الطويل في النزاعات المسلحة. ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، شهدت الولاية اشتباكات متقطعة ومحاولات مستمرة من الطرفين للسيطرة على المواقع الحاكمة. وتأتي استعادة كرتالا لتعزز موقف الجيش في الولاية التي تضم أيضاً حقول نفط ومشاريع زراعية كبرى تعتبر شريان حياة للاقتصاد المحلي.
الأبعاد الاستراتيجية والاقتصادية
لا يقتصر تأثير هذا التقدم العسكري على الجانب الأمني فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب الاقتصادية والإنسانية. فمنطقة جنوب كردفان تعتبر سلة غذاء رئيسية، وتأمين مناطق مثل كرتالا يساهم بشكل مباشر في استقرار الموسم الزراعي وحماية المزارعين من الهجمات التي قد تعيق الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، فإن تأمين الطرق يسهل وصول المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين بالنزاع في القرى والمدن المحاصرة، وهو ما يمثل أولوية قصوى في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السودان.
ويشير مراقبون إلى أن نجاح الجيش في تثبيت أقدامه في هذه المناطق يعكس تحولاً في استراتيجية التعامل مع مسارح العمليات خارج العاصمة الخرطوم، من خلال التركيز على تأمين الولايات الحدودية ومناطق الإنتاج لضمان استمرارية الدولة ومواردها في ظل استطالة أمد الحرب.
