تتصاعد وتيرة العمليات العسكرية في إقليم كردفان الاستراتيجي، حيث يكثف الجيش السوداني من هجماته بهدف قطع خطوط الإمداد الحيوية لقوات الدعم السريع، في خطوة قد تغير موازين القوى في الصراع الممتد منذ أكثر من عام. وتتركز المواجهات حالياً في ولايتي غرب وشمال كردفان، لا سيما في محيط مدينتي بابنوسة والأبيض، اللتين تشكلان عقدة مواصلات رئيسية.
في التفاصيل الميدانية، أفادت مصادر عسكرية أن قوات الجيش السوداني نجحت في صد هجوم جديد شنته قوات الدعم السريع على مقر الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان. وأجبرت الغارات الجوية التي نفذها الطيران الحربي القوات المهاجمة على التراجع. بالتزامن مع ذلك، تواصل القوات المسلحة والقوات المشتركة عملياتها في ولاية شمال كردفان، حيث استهدفت تحركات للدعم السريع غرب مدينة الأبيض، عاصمة الولاية. وبحسب المصادر، تمكن الجيش خلال الأسبوعين الماضيين من تدمير أكثر من 20 مركبة قتالية تابعة للدعم السريع في هذا المحور، مؤكداً تحقيق تقدم مستمر في عمليات التمشيط.
السياق العام والأهمية الاستراتيجية لكردفان
اندلع الصراع الحالي في السودان في 15 أبريل 2023، نتيجة صراع على السلطة بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ويمثل إقليم كردفان (بشماله وجنوبه وغربه) أهمية استراتيجية قصوى للطرفين، فهو يشكل الجسر الجغرافي الذي يربط إقليم دارفور، معقل الدعم السريع، بالعاصمة الخرطوم وبقية مناطق وسط وشرق السودان. السيطرة على طرق الإمداد عبر كردفان تعني القدرة على نقل المقاتلين والعتاد والوقود، وبالتالي فإن قطعها يمثل ضربة قاصمة للطرف الآخر.
تأثير المعارك وتداعياتها المحتملة
تهدف استراتيجية الجيش السوداني الحالية إلى تأمين مدينة الأبيض بالكامل، والتي تعد منطلقاً لعملياته العسكرية في الإقليم، ومن ثم التقدم لقطع طرق الإمداد القادمة من دارفور نحو الجنوب والغرب. وفي حال نجاح الجيش في هذه المهمة، فإنه سيتمكن من عزل قوات الدعم السريع المنتشرة في دارفور بشكل كبير، مما يضعف قدرتها على مواصلة القتال في جبهات أخرى. على الجانب الآخر، تسعى قوات الدعم السريع للسيطرة على بابنوسة ومقر قيادة الجيش فيها، لإحكام سيطرتها الكاملة على ولاية غرب كردفان وتأمين خطوطها الخلفية. إن نتائج هذه المعارك لن تحدد فقط مصير إقليم كردفان، بل سيكون لها تأثير مباشر على مسار الحرب في السودان بأكمله، وسط أزمة إنسانية متفاقمة يعاني منها ملايين المدنيين الذين نزحوا بسبب القتال ويعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والمأوى.


