أكدت الحكومة السودانية مجدداً، في تصريحات رسمية، عن توفر إرادة سياسية حقيقية ورغبة صادقة لديها في إحلال السلام وإنهاء الحرب الدائرة في البلاد، مشيرة إلى أن الأولوية القصوى تكمن في رفع المعاناة عن كاهل الشعب السوداني والحفاظ على سيادة الدولة ومؤسساتها الوطنية الراسخة.
خلفية الصراع وتطورات المشهد السوداني
يأتي هذا التأكيد في وقت يمر فيه السودان بمنعطف تاريخي حرج منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة في منتصف أبريل من عام 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وقد تحول هذا الخلاف العسكري إلى صراع واسع النطاق أثر بشكل مباشر على العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وعدة ولايات أخرى، مما أدى إلى تدمير واسع في البنية التحتية وتعطيل الخدمات الأساسية والمرافق الحيوية.
الأبعاد الإنسانية وضرورة الحل السلمي
تدرك الحكومة السودانية حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب، حيث تشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية إلى نزوح ملايين السودانيين داخلياً ولجوء مئات الآلاف إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان. ومن هذا المنطلق، تأتي التصريحات الحكومية لتؤكد أن البحث عن السلام ليس خياراً تكتيكياً أو مناورة سياسية، بل هو ضرورة استراتيجية وإنسانية ملحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتجنيب البلاد شبح المجاعة والانهيار الاقتصادي الشامل.
مسارات التفاوض والمواقف الدولية
على الصعيد الدبلوماسي، انخرطت الأطراف السودانية في عدة جولات تفاوضية، أبرزها منبر جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. وتتمسك الحكومة السودانية بضرورة تنفيذ مخرجات إعلان جدة الإنساني، الذي ينص بوضوح على حماية المدنيين وخروج المظاهر المسلحة من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، كشرط أساسي لإثبات حسن النوايا والمضي قدماً في أي عملية سياسية تفضي إلى سلام مستدام وعادل.
التأثير الإقليمي والدولي لاستقرار السودان
لا ينفصل الوضع في السودان عن محيطه الإقليمي؛ فاستقرار السودان يعد ركيزة أساسية لأمن منطقة القرن الأفريقي وحوض البحر الأحمر. وتنظر القوى الدولية والإقليمية بقلق بالغ لاستمرار النزاع، داعية كافة الأطراف إلى تغليب لغة الحوار. وبالتالي، فإن إعلان الحكومة عن رغبتها في السلام يبعث برسائل طمأنة للمجتمع الدولي وللدول الشقيقة بأن المؤسسة الرسمية في السودان تسعى بجدية لاستعادة الاستقرار ومنع تمدد الفوضى عبر الحدود، مما يعزز فرص التعاون الدولي لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.


