جدل سياسي واسع بعد اتهامات ترمب بالخيانة
أشعل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب عاصفة سياسية وقانونية جديدة، باتهامه ستة نواب ديمقراطيين بـ«الخيانة العظمى»، ودعوته الصريحة إلى اعتقالهم. جاءت هذه التصريحات النارية عبر منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، رداً على مقطع فيديو نشره النواب، وهم من قدامى المحاربين، حثوا فيه أفراد القوات المسلحة الأمريكية على التمسك بالدستور ورفض أي أوامر قد تكون «غير قانونية».
وكتب ترمب في منشوره: «الخونة الذين أمروا الجيش بعدم طاعة أوامري يجب أن يكونوا في السجن الآن… كان ذلك تمرداً على أعلى مستوى، والتمرد جريمة كبرى». وأضاف في منشور آخر أن «العديد من علماء القانون العظماء يتفقون على أن الديمقراطيين الخونة قد ارتكبوا جريمة خطيرة للغاية».
خلفية الأزمة: فيديو النواب والسياق التاريخي
جاءت تصريحات ترمب رداً على رسالة مصورة من نواب ديمقراطيين خدموا سابقاً في الجيش، من بينهم كريس ديلوزيو، وجيسون كرو، وميكي شيريل. في الفيديو، ذكّر النواب الجنود بواجبهم الأساسي تجاه الدستور الأمريكي، وليس تجاه أي شخص بعينه، مؤكدين على ضرورة عصيان الأوامر التي تتعارض مع القانون. تعكس هذه الرسالة مخاوف متزايدة في الأوساط السياسية والعسكرية من إمكانية استخدام الجيش لأغراض سياسية داخلية، مثل قمع الاحتجاجات أو فرض سياسات مثيرة للجدل، وهو سيناريو أثيرت حوله نقاشات حادة خلال فترة رئاسة ترمب الأولى.
تستند هذه المخاوف إلى مبدأ راسخ في القانون العسكري الأمريكي، وهو أن أفراد الجيش ملزمون فقط بطاعة الأوامر القانونية. فبموجب القانون الموحد للقضاء العسكري (UCMJ)، يعتبر عصيان أمر غير قانوني واجباً وليس جريمة. كما أن قانون «بوس كوميتاتوس» لعام 1878 يحد بشكل صارم من قدرة الحكومة الفيدرالية على استخدام الجيش كقوة لإنفاذ القانون على الأراضي الأمريكية، وهو ما يمثل خطاً فاصلاً حساساً في الديمقراطية الأمريكية.
الأهمية والتأثيرات المحتملة للأزمة
تتجاوز هذه الحادثة كونها مجرد سجال سياسي، لتلامس أسس العلاقة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية في الولايات المتحدة. على الصعيد المحلي، تعمق هذه الاتهامات حالة الاستقطاب الحاد وتثير تساؤلات حول مدى استعداد الرئيس لاستخدام سلطاته كقائد أعلى للقوات المسلحة. كما تضع أفراد الجيش في موقف حرج بين ولائهم للقيادة السياسية والتزامهم بالدستور.
إقليمياً ودولياً، يراقب حلفاء وخصوم الولايات المتحدة هذا التوتر الداخلي بقلق. فأي مظهر من مظاهر عدم الاستقرار أو تسييس الجيش الأمريكي يمكن أن يثير شكوكاً حول مصداقية التزامات واشنطن الأمنية تجاه حلفائها، وفي المقابل، قد يراه الخصوم فرصة لاستغلال الانقسامات الداخلية. إن استقرار القيادة في أقوى دولة عسكرية في العالم له انعكاسات مباشرة على موازين القوى العالمية والأمن الدولي.
في المقابل، دافع النواب الديمقراطيون عن رسالتهم، مؤكدين أنها لم تكن دعوة للتمرد، بل تذكيراً باليمين الذي أقسمه كل جندي لحماية الدستور. واعتبر منتقدو ترمب أن تصريحاته تمثل محاولة لترهيب المعارضين وتوظيف تهمة الخيانة كسلاح سياسي، وهو ما يعد سابقة خطيرة في الخطاب السياسي الأمريكي المعاصر.


