spot_img

ذات صلة

ترامب يتجه لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية.. ما التداعيات؟

في خطوة قد تعيد تشكيل السياسة الأمريكية تجاه حركات الإسلام السياسي، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه المضي قدماً في تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية أجنبية. وفي تصريح لموقع “Just the News”، قال ترامب إن التصنيف سيتم “بأقوى وأشد العبارات”، مشيراً إلى أن الوثائق النهائية المتعلقة بالقرار قيد الإعداد، مما يمثل تتويجاً لضغوط طويلة الأمد من قبل صقور إدارته وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

سياق تاريخي وقرار مرتقب

تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 على يد حسن البنا، ونمت لتصبح واحدة من أكثر الحركات الإسلامية تأثيراً وانتشاراً في العالم، بشبكة واسعة من الفروع والتنظيمات التابعة في عشرات الدول. وتاريخ الجماعة مليء بالتعقيدات، حيث تراوحت ممارساتها بين العمل الدعوي والاجتماعي، والمشاركة السياسية كما حدث في مصر بعد ثورة 2011، وبين اتهامات بتبني العنف والتطرف من قبل العديد من الحكومات. ويأتي التوجه الأمريكي الحالي في سياق جدل مستمر داخل دوائر السياسة الخارجية الأمريكية حول طبيعة الجماعة، وهو جدل احتدم بعد وصولها إلى السلطة في مصر ثم الإطاحة بها في عام 2013، مما أدى إلى تصنيفها منظمة إرهابية من قبل دول حليفة للولايات المتحدة مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين.

الأهمية والتأثير المتوقع للقرار

إن تصنيف جماعة الإخوان كـ«منظمة إرهابية أجنبية» (FTO) ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو تفعيل لأقوى الأدوات القانونية الأمريكية في مكافحة الإرهاب. فعلى الصعيد المحلي داخل الولايات المتحدة، سيترتب على القرار ما يلي:

  • تجميد الأصول: سيتم تجميد كافة أصول وحسابات الجماعة وأي كيانات أو أفراد مرتبطين بها داخل النظام المالي الأمريكي.
  • حظر السفر: سيُمنع أعضاء الجماعة المعروفون من دخول الولايات المتحدة، وقد يتم ترحيل الموجودين منهم على أراضيها.
  • تجريم الدعم المادي: سيصبح تقديم أي شكل من أشكال الدعم المادي أو اللوجستي أو حتى الإعلامي للجماعة جريمة فيدرالية يعاقب عليها القانون، مما سيضع المنظمات التي تتهمها بعض الجهات بالارتباط بالإخوان، مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، تحت ضغط قانوني هائل، رغم نفي هذه المنظمات المستمر لأي صلة تنظيمية بالجماعة.

أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن القرار سيحمل تداعيات استراتيجية كبرى. إقليمياً، يعتبر القرار انتصاراً دبلوماسياً لحلفاء واشنطن في القاهرة والرياض وأبوظبي، ويعزز من شرعية إجراءاتهم ضد الجماعة. كما أنه يزيد من الضغط على دول مثل تركيا وقطر، التي توفر ملاذاً آمناً ودعماً سياسياً لقيادات وأعضاء الإخوان. دولياً، سيضع القرار ضغطاً كبيراً على الدول الأوروبية، التي تستضيف شبكة واسعة من المنظمات والمراكز الثقافية والجمعيات الخيرية المرتبطة فكرياً أو تنظيمياً بالإخوان. وقد تجد هذه الدول نفسها مضطرة لإعادة تقييم سياساتها تجاه هذه الكيانات لتجنب الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية الثانوية.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو قد أشار في وقت سابق إلى أن عملية المراجعة لتصنيف الجماعة “جارية” لكنها معقدة بسبب الطبيعة المتشعبة للتنظيم العالمي للإخوان، مما يتطلب تقييماً دقيقاً لكل فرع على حدة. إلا أن إعلان ترامب الأخير يشير إلى أن الإدارة حسمت أمرها نحو اتخاذ قرار شامل، من شأنه أن يطلق موجة من الإجراءات القانونية والسياسية التي ستؤثر بشكل عميق على مستقبل الجماعة وشبكتها العالمية.

spot_imgspot_img