في خطوة تعكس ذروة التوتر في العلاقات بين واشنطن وكاراكاس، صعدت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب من لهجتها العدائية تجاه فنزويلا، ملوحة باستخدام كافة الخيارات المتاحة، بما فيها الخيار العسكري، بالتزامن مع توسيع نطاق العقوبات لتشمل مصادرة ناقلات النفط المتجهة إلى الدولة اللاتينية. يأتي هذا التحرك ضمن استراتيجية "الضغط الأقصى" التي تهدف إلى خنق نظام الرئيس نيكولاس مادورو اقتصادياً وسياسياً.
سياق الصراع واستراتيجية الخنق الاقتصادي
لفهم أبعاد هذا التصعيد، يجب النظر إلى الخلفية التاريخية للأزمة التي تفاقمت منذ عام 2019، حين اعترفت واشنطن وزعماء المعارضة الفنزويلية بخوان غوايدو رئيساً مؤقتاً للبلاد. ومنذ ذلك الحين، فرضت الولايات المتحدة حظراً نفطياً شاملاً على شركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA)، مما أدى إلى شلل شبه تام في قدرة فنزويلا على تصدير خامها أو استيراد الوقود والمخففات اللازمة للصناعة النفطية. وتعتبر الخطوة الأخيرة بمصادرة الناقلات تطوراً نوعياً في آليات الحصار، حيث تنتقل واشنطن من العقوبات المالية إلى الاعتراض المادي للشحنات في أعالي البحار.
التحالفات الدولية وكسر الحصار
يرتبط هذا التصعيد بشكل مباشر بمحاولات فنزويلا كسر الطوق الأمريكي عبر تعزيز تحالفاتها مع دول تخضع هي الأخرى لعقوبات أمريكية، وتحديداً إيران. فقد لجأت كاراكاس إلى طهران لاستيراد البنزين ومشتقات النفط لسد العجز المحلي الهائل، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب تحدياً صارخاً لنفوذها في النصف الغربي للكرة الأرضية. وقد استندت الإدارة الأمريكية في إجراءات المصادرة إلى دعاوى قضائية في المحاكم الفيدرالية تزعم أن هذه الشحنات تمثل عوائد لتمويل الحرس الثوري الإيراني، مما يمنح واشنطن غطاءً قانونياً محلياً للسيطرة على السفن الأجنبية.
التلويح بالحرب والانتشار العسكري
لا يقتصر التهديد على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تضمن تصريحات نارية حول "الخيار العسكري". وقد ترجمت هذه التصريحات سابقاً عبر نشر قطع بحرية أمريكية في البحر الكاريبي تحت ذريعة "مكافحة المخدرات"، وهو ما اعتبره المراقبون حصاراً بحرياً غير معلن يهدف لردع السفن التجارية عن التعامل مع فنزويلا. يرى المحللون أن هذا التصعيد يحمل تداعيات جيوسياسية خطيرة، حيث قد يجر قوى دولية كبرى مثل روسيا والصين، الداعمتين لمادورو، إلى مربع التوتر، مما يحول الأزمة الفنزويلية من شأن إقليمي إلى بؤرة صراع دولي قد تهدد استقرار أسواق الطاقة العالمية وأمن الملاحة البحرية.


