spot_img

ذات صلة

نتائج مؤتمر الموسيقى العربية بالرياض برئاسة تركي آل الشيخ

في خطوة تاريخية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفني في المنطقة، ترأس رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA)، المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، فعاليات مؤتمر الموسيقى العربية في العاصمة السعودية الرياض. يأتي هذا الحدث ليشكل نقطة تحول مفصلية في مسيرة الحفاظ على الهوية الموسيقية العربية، مستنداً إلى رؤية عصرية تجمع بين أصالة التراث وتقنيات المستقبل.

سياق تاريخي: من القاهرة 1932 إلى الرياض 2024

يمثل هذا المؤتمر امتداداً وتحديثاً للجهود التاريخية التي بدأت بمؤتمر الموسيقى العربية الأول في القاهرة عام 1932، والذي كان اللبنة الأولى لتوثيق الموسيقى الشرقية. إلا أن مؤتمر الرياض يأتي اليوم في سياق مختلف، حيث تسعى المملكة العربية السعودية، في ظل رؤية 2030، إلى قيادة الحراك الثقافي والفني في المنطقة، ليس فقط عبر استضافة الفعاليات، بل من خلال وضع الأسس العلمية والمنهجية لحفظ التراث غير المادي للعرب. ويعد هذا المؤتمر استجابة ملحة لضرورة حماية المقامات والإيقاعات العربية من الاندثار أو التشويه في ظل العولمة الفنية المتسارعة.

دعم القيادة وتكامل المؤسسات الثقافية

واستهل المستشار تركي آل الشيخ كلمته برفع أسمى آيات الشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكداً أن الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة هو المحرك الأساسي لهذه النهضة الثقافية. وأشار آل الشيخ إلى أن الاهتمام الاستثنائي من سمو ولي العهد بصناعة المعرفة وتطوير المنظومة الفنية قد مهد الطريق لمثل هذه المبادرات الكبرى.

كما شدد على أهمية التكامل المؤسسي، مشيداً بالتعاون المثمر مع وزارة الثقافة بقيادة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان. وأوضح أن النجاح في هذا الملف الشائك لا يمكن أن يتحقق بجهود فردية، بل يتطلب تضافر جهود الهيئات والوزارات المعنية لضمان مخرجات تليق بمكانة الثقافة العربية.

مشروع توثيقي ضخم وتوصيات استراتيجية

وخرج المؤتمر، بعد ثمانية أشهر من العمل الدؤوب بمشاركة لجان من مختلف الدول العربية وتركيا، بحزمة من التوصيات الثورية التي تهدف لربط الماضي بالمستقبل، ومن أبرزها:

  • تأسيس أكاديمية عربية عليا: إنشاء أول مؤسسة بحثية وتعليمية متخصصة في علوم الموسيقى العربية لتطوير المناهج ودعم الباحثين.
  • الأرشيف الرقمي الموحد: إطلاق مكتبات إلكترونية ومنصات تفاعلية تعتمد على أحدث التقنيات لتوثيق المقامات والإيقاعات، مما يسهل وصول الباحثين والطلاب إليها عبر الهواتف الذكية.
  • مراجعة مخرجات 1932: تحديث المصطلحات والمفاهيم التاريخية لتتواكب مع الاحتياجات البحثية المعاصرة.
  • جائزة سنوية للبحث الموسيقي: تحفيز الباحثين والمحققين لتقديم دراسات تخدم الفكر الموسيقي العربي.

الدور السعودي: توثيق الهوية المحلية

وفي سياق إبراز التنوع الثقافي للمملكة، لعبت اللجنة السعودية دوراً محورياً في أعمال المؤتمر. حيث تم الكشف عن إنجاز ميداني ضخم تمثل في توثيق 14 مقاماً حجازياً وأكثر من 160 إيقاعاً سعودياً، تم جمعها مباشرة من المؤدين المحليين في مختلف مناطق المملكة. وتؤكد هذه الخطوة على ثراء المخزون الموسيقي السعودي وقدرته على إثراء المكتبة الموسيقية العربية والعالمية.

الأثر المتوقع: نحو مرجعية عالمية

لا تقتصر أهمية هذا المؤتمر على الجانب التوثيقي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً تعليمية واقتصادية. فمن خلال توحيد المنهجيات العلمية واستخدام استوديوهات متطورة مثل "مرواس"، تسعى الرياض لتحويل الموسيقى العربية من مجرد تراث شفوي إلى مادة علمية أكاديمية معتمدة في المعاهد الدولية. هذا التوجه يعزز من القوة الناعمة للعرب ويفتح آفاقاً جديدة للاستثمار في الصناعات الإبداعية والثقافية، مما يرسخ مكانة الرياض كعاصمة للفن العربي الحديث.

spot_imgspot_img