تصعيد دبلوماسي في خضم الحرب
في تطور جديد يعكس عمق الأزمة بين موسكو وكييف، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تعمل على تنقيح “صيغة السلام” المكونة من عشر نقاط، بهدف حشد أوسع دعم دولي ممكن. وفي المقابل، جاء الرد الروسي حادًا على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، الذي هدد بأن استمرار أوكرانيا في مسارها الحالي قد يؤدي إلى عزلها بالكامل عن الممرات الحيوية، في إشارة محتملة إلى البحر الأسود.
خلفية تاريخية وسياق الصراع
تعود جذور هذا الصراع إلى عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني وأججت نزاعًا انفصاليًا في منطقة دونباس شرق أوكرانيا. وبعد سنوات من التوتر والمناوشات، بلغ الصراع ذروته في فبراير 2022 مع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، مما أشعل أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، فشلت الجهود الدبلوماسية المتعددة، بما في ذلك اتفاقيات مينسك، في تحقيق سلام دائم، مما دفع أوكرانيا إلى طرح مبادرتها الخاصة.
تفاصيل صيغة السلام الأوكرانية وأهميتها
طرح الرئيس زيلينسكي لأول مرة صيغة السلام المكونة من 10 نقاط في قمة مجموعة العشرين في نوفمبر 2022. تشمل هذه الصيغة بنودًا أساسية تعتبرها كييف غير قابلة للتفاوض، مثل: الانسحاب الكامل للقوات الروسية من جميع الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليًا، واستعادة وحدة أراضي أوكرانيا، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، وضمانات أمنية لأوكرانيا، بالإضافة إلى الأمن النووي والغذائي والطاقوي. يهدف التنقيح الحالي للصيغة إلى جعلها أكثر قبولاً للدول التي تتردد في الانحياز لأي من الطرفين، خاصة في الجنوب العالمي، وذلك تمهيدًا لعقد “قمة سلام عالمية” تأمل كييف في استضافتها.
التهديد الروسي وتأثيره المحتمل
يُنظر إلى تهديد بوتين بعزل أوكرانيا على أنه رد مباشر على الجهود الدبلوماسية الأوكرانية ومحاولة لتقويض الدعم الغربي. يمكن أن يتخذ هذا العزل أشكالاً متعددة، أبرزها فرض حصار بحري كامل في البحر الأسود، مما يهدد صادرات الحبوب الأوكرانية الحيوية للأمن الغذائي العالمي. كما يعكس هذا التهديد رفض موسكو القاطع لصيغة السلام الأوكرانية، حيث تصر روسيا على أن أي تسوية يجب أن تعترف بـ “الوقائع الإقليمية الجديدة”، في إشارة إلى الأراضي التي ضمتها. هذا الموقف المتشدد يقلل من فرص التوصل إلى حل دبلوماسي في المدى القريب ويزيد من احتمالات استمرار الصراع وتوسعه، مما يلقي بظلاله على الاستقرار الإقليمي والدولي.
