spot_img

ذات صلة

تصعيد أمريكي ضد فنزويلا: تحركات عسكرية وضغوط دبلوماسية

في خطوة تعكس تصاعد التوتر بين واشنطن وكاراكاس، كثّفت الولايات المتحدة ضغوطها متعددة الأوجه على فنزويلا، بالتزامن مع زيارة يجريها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال دان كين، للقوات الأمريكية المتمركزة في البحر الكاريبي قبالة السواحل الفنزويلية. وتأتي هذه التحركات العسكرية المباشرة مع إعلان واشنطن تصنيف ما يُعرف بـ«كارتل دي لوس سوليس» كمنظمة إرهابية أجنبية، مما يفتح الباب أمام مجموعة واسعة من الإجراءات ضد نظام الرئيس نيكولاس مادورو.

تُعد هذه الزيارة العسكرية رفيعة المستوى، التي تجري اليوم (الاثنين)، مؤشراً قوياً على جدية الإدارة الأمريكية في تقييم خياراتها، بما في ذلك الخيار العسكري الذي لم يستبعده الرئيس دونالد ترامب صراحةً. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أمريكيين أن رئيس الأركان سيجري مشاورات مع القادة العسكريين في بورتوريكو حول استعدادات هذا الحشد البحري. وقد وصلت حاملة الطائرات «جيرالد آر فورد»، وهي الأحدث والأكبر في الأسطول الأمريكي، إلى المنطقة الأسبوع الماضي، لتعزز قوة بحرية تضم نحو 15 ألف جندي، من بينهم مشاة بحرية على متن سفن هجومية برمائية، بالإضافة إلى 5 آلاف جندي متمركزين في قواعد ببورتوريكو.

خلفية الصراع وتصاعد الضغوط

تعود جذور التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا إلى عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز، لكنها بلغت ذروتها في عهد خلفه نيكولاس مادورو. فمنذ إعادة انتخاب مادورو في عام 2018 في انتخابات وصفتها واشنطن والعديد من الدول الغربية بأنها غير شرعية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية خانقة على قطاعي النفط والمال في فنزويلا بهدف إجباره على التنحي. كما اعترفت واشنطن بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً مؤقتاً للبلاد في أوائل عام 2019، وحشدت دعماً دولياً له، إلا أن مادورو تمسك بالسلطة بدعم من الجيش وأطراف دولية كروسيا والصين.

أهمية التصنيف الجديد وتأثيره

إن تصنيف «كارتل دي لوس سوليس» (أو كارتل الشموس) كمنظمة إرهابية يمثل نقلة نوعية في حملة الضغط. والجدير بالذكر أن هذا المصطلح لا يشير إلى منظمة قائمة بذاتها، بل هو وصف يُطلق على شبكة من كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين في فنزويلا المتهمين بالتورط في عمليات تهريب المخدرات والفساد لجمع ثروات طائلة. هذا التصنيف يمنح الإدارة الأمريكية أدوات قانونية وعسكرية أوسع للتعامل مع شخصيات وكيانات مرتبطة بالنظام الفنزويلي، وقد يمهد الطريق لعمليات استهداف مباشرة. وفي هذا السياق، صرح وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث بأن هذا الإجراء «سيمنح الولايات المتحدة مجموعة واسعة من الخيارات» للتعامل مع مادورو، رافضاً استبعاد أي خيار، بما في ذلك شن ضربات داخل الأراضي الفنزويلية، وفقاً لما نقلته وكالة «أسوشيتد برس».

الأبعاد الإقليمية والدولية

لا تقتصر تداعيات هذا التصعيد على فنزويلا وحدها، بل تمتد لتشمل استقرار منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية بأكملها. فالتحركات العسكرية الأمريكية، التي أكدتها صور الأقمار الصناعية التي حللتها «نيويورك تايمز» وأظهرت سفناً حربية أمريكية تبحر على بعد 80 إلى 160 كيلومتراً من الساحل الفنزويلي، تثير قلق دول الجوار. وفي الوقت نفسه، تراقب قوى دولية مثل روسيا والصين، الداعمتان لمادورو، هذا التطور عن كثب. وتأتي هذه الخطوات أيضاً في ظل تقارير عن موافقة ترامب على خطط لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) لتنفيذ عمليات سرية داخل فنزويلا، مما يشير إلى أن واشنطن تتبع استراتيجية ضغط شاملة تجمع بين الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والسرية لإحداث تغيير في كاراكاس.

spot_imgspot_img