spot_img

ذات صلة

زيادة رسوم المنتزهات الأمريكية للسياح الدوليين في 2026

أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية عن تغييرات جذرية في هيكل رسوم دخول المنتزهات الوطنية، تستهدف بشكل مباشر السيّاح الدوليين، حيث تقرر فرض زيادات كبيرة في تكاليف الدخول والبطاقات السنوية بدءاً من العام بعد القادم. ويأتي هذا القرار في إطار سياسة جديدة تهدف إلى تخفيف الأعباء عن دافعي الضرائب الأمريكيين وتوجيه العوائد لصيانة المحميات الطبيعية.

تفاصيل الزيادة الجديدة في الأسعار

وفقاً للبيان الرسمي الصادر عن الوزارة، فإنه اعتباراً من الأول من يناير 2026، سيواجه الزوار غير المقيمين في الولايات المتحدة هيكلاً سعرياً جديداً. حيث سترتفع تكلفة البطاقة السنوية الشهيرة "America the Beautiful" للزوار الدوليين لتصل إلى 250 دولاراً، وهو ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف السعر الحالي والبالغ 80 دولاراً، والذي سيستمر المواطنون والمقيمون الأمريكيون في دفعه دون تغيير.

ولم تقتصر الزيادة على البطاقات السنوية فحسب، بل شملت تذاكر الدخول الفردية. حيث أوضح البيان أن السياح الأجانب الذين لا يحملون البطاقة السنوية سيتعين عليهم دفع رسوم إضافية قدرها 100 دولار للشخص الواحد، تضاف إلى رسوم الدخول القياسية للمركبة، وذلك عند زيارة 11 منتزهاً من أشهر المنتزهات الوطنية وأكثرها اكتظاظاً، بما في ذلك "غراند كانيون"، و"روكي ماونتن"، و"يلوستون"، و"يوسمايت".

دوافع القرار: الأولوية للعائلات الأمريكية

برر وزير الداخلية، دوغ بورغوم، هذه الخطوة بأنها محاولة لتحقيق العدالة المالية. وأشار في تصريحاته إلى أن دافعي الضرائب الأمريكيين يساهمون بالفعل في تمويل نظام المنتزهات الوطنية من خلال ضرائبهم الفيدرالية، وبالتالي يجب أن يتمتعوا بدخول ميسور التكلفة. في المقابل، يُنظر إلى الرسوم الجديدة المفروضة على الزوار الدوليين كـ "حصة عادلة" للمساهمة في الحفاظ على هذه الثروات الطبيعية وتحسينها للأجيال القادمة، خاصة في ظل الضغط المتزايد على البنية التحتية للمنتزهات.

خلفية الأزمة: تحديات الصيانة والتمويل

لفهم سياق هذا القرار، تجدر الإشارة إلى أن خدمة المنتزهات الوطنية الأمريكية (NPS) تعاني منذ سنوات من تراكم هائل في أعمال الصيانة المؤجلة، والتي تقدر بمليارات الدولارات. تشمل هذه الأعمال إصلاح الطرق، والجسور، ومراكز الزوار، وأنظمة المياه داخل المنتزهات الشاسعة التي تديرها الوزارة والتي تغطي أكثر من 70% من الأراضي العامة الفيدرالية.

وتعد هذه الخطوة تحولاً نوعياً في سياسة التسعير الأمريكية، حيث كانت الولايات المتحدة تاريخياً تفرض رسوماً موحدة للدخول بغض النظر عن الجنسية، على عكس العديد من الدول السياحية في أفريقيا وآسيا التي تعتمد نظام "التسعير المزدوج" (Dual Pricing)، حيث يدفع الأجانب رسوماً أعلى بكثير من السكان المحليين. ويبدو أن الإدارة الأمريكية تتجه لتبني هذا النموذج العالمي لتعزيز الإيرادات المباشرة من قطاع السياحة الدولية.

التأثير المتوقع على السياحة والاقتصاد

من المتوقع أن يثير هذا القرار ردود فعل متباينة في قطاع السياحة والسفر. فبينما قد يوفر هذا الإجراء تدفقات مالية ضرورية لتحسين الخدمات داخل المنتزهات الـ 11 المستهدفة، يخشى بعض الخبراء أن يؤدي ارتفاع التكلفة إلى عزوف شريحة من السياح الدوليين ذوي الميزانيات المحدودة، أو تقليص مدة إقامتهم. ومع ذلك، تظل المنتزهات الأمريكية وجهات عالمية فريدة من نوعها، مما قد يجعل الطلب عليها مرناً رغم زيادة الأسعار، خاصة وأن العوائد ستُستثمر في حماية هذه البيئات الهشة من التدهور الناتج عن السياحة المفرطة (Overtourism).

spot_imgspot_img