spot_img

ذات صلة

مفاوضات أمريكية روسية في أبوظبي وماكرون يحذر من استسلام أوكرانيا

في تطور دبلوماسي لافت يهدف إلى وضع حد للنزاع العسكري الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، انطلقت في العاصمة الإماراتية أبوظبي جولة جديدة من المحادثات المغلقة والمكثفة لإنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية التي دخلت عامها الرابع. ويقود هذه الجهود عن الجانب الأمريكي وزير الجيش دانيال دريسكول، الذي عقد اجتماعات منفصلة ومشتركة اليوم (الثلاثاء) مع وفود رفيعة المستوى من روسيا وأوكرانيا، في مسعى لتقريب وجهات النظر حول خطة السلام الأمريكية المقترحة.

كواليس مفاوضات أبوظبي والدور الإماراتي

تأتي هذه المحادثات في وقت حساس للغاية، حيث تسعى واشنطن عبر مبعوثها دريسكول، الذي عُين في فبراير 2025 كوجه دبلوماسي رئيسي لإدارة الرئيس دونالد ترمب، إلى إحداث خرق في جدار الأزمة. ووفقاً لمصادر مطلعة وتقارير وكالات عالمية مثل «رويترز» و«سي إن إن»، فقد التقى دريسكول بوفد روسي مساء الاثنين، واستمرت النقاشات طوال يوم الثلاثاء لبحث «تسريع المفاوضات». ورغم التكتم الشديد على هوية الوفد الروسي، تشير الترجيحات إلى تمثيل أوكراني عالي المستوى قد يضم كيريلو بودانوف، رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.

ويكتسب اختيار أبوظبي مكاناً لهذه المحادثات دلالة استراتيجية، نظراً للدور المتنامي لدولة الإمارات كوسيط موثوق ومحايد في النزاعات الدولية، حيث نجحت سابقاً في إتمام صفقات تبادل أسرى بين موسكو وكييف، مما يجعلها بيئة مناسبة لمحاولة جسر الهوة العميقة بين الطرفين.

عقبات الميدان والمخاوف الأوروبية

على الرغم من الحراك الدبلوماسي، لا يزال الواقع الميداني يشكل العقبة الأكبر. فبينما يجلس المفاوضون على الطاولة، استمرت الآلة العسكرية في العمل، حيث شنت روسيا موجة عنيفة من الضربات الصاروخية وبالطائرات المسيرة على كييف، مما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية وسقوط ضحايا، في حين ردت القوات الأوكرانية بضربات طالت العمق الروسي في روستوف. هذا التصعيد المتبادل يعكس رغبة كل طرف في تحسين شروطه التفاوضية بالنار قبل التوصل لأي اتفاق.

وفي سياق متصل، تبرز المعضلة الأوروبية تجاه الخطة الأمريكية المعدلة. فقد حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صراحة من أن أي اتفاق سلام يشبه «الاستسلام» من جانب كييف سيشكل خطراً وجودياً على القارة العجوز. وأكد ماكرون في تصريحات لإذاعة RTL أن التنازلات المفرطة لموسكو، مثل حظر انضمام أوكرانيا للناتو أو تقليص جيشها، قد تمنح روسيا فرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة الكرة ضد دول أوروبية أخرى في المستقبل، مشدداً على ضرورة أن تكون الضمانات الأمنية قوية ومستدامة.

مستقبل الخطة الأمريكية

وتواجه الخطة الأمريكية، التي تم تقليص بنودها من 28 نقطة للتركيز على الأولويات الأمنية، تحديات كبيرة في التوفيق بين المطالب الروسية بالحياد الأوكراني، والمطالب الأوكرانية-الأوروبية بضمانات أمنية رادعة. ومع رفض الكرملين التعليق رسمياً على المحادثات، تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث يُتوقع أن يزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البيت الأبيض قريباً لمناقشة «القضايا الحساسة» وجهاً لوجه، في محاولة أخيرة لإنقاذ مسار السلام قبل أن يفرض الميدان واقعاً أكثر قسوة.

spot_imgspot_img