في تطور لافت لمسار الصراع الدائر في شرق أوروبا، كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن تفاصيل جديدة تتعلق بمسودة اتفاق السلام التي تجري مناقشتها حالياً مع الجانب الأمريكي، مشيراً إلى إدخال «تعديلات جيدة» على المقترح الأصلي، وذلك عقب محادثات مكثفة جرت في جنيف.
تفاصيل التعديلات الجوهرية على خطة السلام
وفقاً للمعلومات الواردة وما نقلته صحيفة «فايننشال تايمز» وشبكة «إيه بي سي»، فقد شهدت المسودة تقليصاً كبيراً في عدد البنود من 28 إلى 19 بنداً، مما يشير إلى رغبة الطرفين في التركيز على النقاط القابلة للتنفيذ وتأجيل القضايا المعقدة. ومن أبرز التعديلات التي طرأت على النسخة الجديدة إلغاء البند المتعلق بوضع حد أقصى لعدد أفراد الجيش الأوكراني، حيث كانت النسخة الأولى تقترح تقليصه إلى 600 ألف جندي، وهو ما كانت ترفضه كييف باعتباره مساساً بسيادتها وقدرتها الدفاعية. كما تم استبعاد بند «العفو عن الجرائم المرتكبة خلال الحرب»، وهو ملف حساس للغاية بالنسبة للشارع الأوكراني والمجتمع الدولي.
كواليس اجتماع جنيف: من التوتر إلى الاتفاق
المحادثات التي جرت في جنيف لم تكن سهلة؛ حيث وصف النائب الأول لوزير الخارجية الأوكراني، سيرجي كيسليتسيا، الأجواء في البداية بـ«المتوترة». الوفد الأمريكي، الذي ضم شخصيات بارزة من إدارة ترامب المقبلة مثل السيناتور ماركو روبيو (وزير الخارجية المرتقب) وجاريد كوشنر صهر الرئيس، وصل وهو يشعر بالإحباط بسبب التسريبات السابقة لمسودة الاقتراح الأولى. استغرق الأمر ساعتين من النقاش المحتدم بين أندري يرماك، مدير مكتب زيلينسكي، والوفد الأمريكي لتهدئة الأجواء وإعادة الأمور إلى مسارها، لتنتهي الجلسة بمسودة «منقحة بالكامل» وصفت بأنها إيجابية ولا تشبه النسخة المسربة التي أثارت غضب كييف.
السياق الدولي وتغير الإدارة الأمريكية
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية المتسارعة في توقيت حرج مع استعداد الرئيس المنتخب دونالد ترامب لتولي مقاليد الحكم رسمياً، وهو الذي وعد مراراً خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بسرعة. يعكس حضور شخصيات بوزن كوشنر وروبيو جدية الإدارة القادمة في صياغة حل يختلف عن نهج إدارة بايدن، حيث تسعى واشنطن من خلال هذه المسودة إلى إيجاد مخرج دبلوماسي يوقف نزيف الموارد ويحقق استقراراً أمنياً في المنطقة، وسط ترقب دولي لما ستؤول إليه هذه الاتفاقيات من تأثير على أسواق الطاقة والغذاء العالمية.
الملفات المؤجلة: قضايا «بين الأقواس»
رغم التقدم المحرز في تقليص البنود، ظلت القضايا الأكثر تعقيداً عالقة. فقد اتفق الطرفان، بعد ساعات من المحادثات الدقيقة، على وضع النقاط الخلافية الكبرى «بين أقواس»، وتحديداً القضايا الإقليمية المتعلقة بالأراضي والعلاقة المستقبلية بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا. وقد تقرر ترك هذه الملفات الاستراتيجية ليحسمها الرئيسان ترامب وزيلينسكي وجهاً لوجه في لقاء لاحق. ويتمسك الجانب الأوكراني بموقفه الدستوري الذي يمنع التنازل عن أي أراضٍ دون إجراء استفتاء وطني، مما يضع عقبة قانونية وشعبية أمام أي ضغوط محتملة لتقديم تنازلات جغرافية.


