spot_img

ذات صلة

خطة سلام أوكرانيا: صراع الروايات بين واشنطن وموسكو

أثارت خطة سلام جديدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مكونة من 28 بنداً، جدلاً سياسياً واسعاً في واشنطن، وسط تضارب الروايات حول مصدرها الحقيقي، مما يلقي بظلال من الشك على مستقبل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع المدمر.

خلفية الصراع والجهود الدبلوماسية

يأتي هذا الجدل في سياق الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة التي دخلت عامها الثالث، والتي أعادت تشكيل المشهد الأمني في أوروبا والعالم. منذ بدء الغزو الشامل في فبراير 2022، فشلت العديد من المبادرات الدبلوماسية، بما في ذلك اتفاقيات مينسك السابقة، في تحقيق سلام دائم. وتأتي هذه الخطة الجديدة في وقت حرج، يتزامن مع نقاشات محتدمة داخل الولايات المتحدة وحول العالم بشأن استمرارية الدعم العسكري والمالي لكييف، مما يجعل أي مبادرة سلام محط أنظار الجميع.

تضارب الروايات في واشنطن

في قلب الجدل، نفى السيناتور الجمهوري ماركو روبيو بشدة ما أعلنه السيناتور مايك راوندز، بأن الخطة هي وثيقة روسية تم تسريبها. وأكد روبيو، في تغريدة على منصة “إكس”، أن “الاقتراح صاغته الولايات المتحدة، ويُقدم كإطار قوي للمفاوضات المستمرة”. وأوضح أن الصياغة استندت إلى معطيات من الجانب الروسي، ولكنها تضمنت أيضاً مقترحات سابقة ومستمرة من أوكرانيا. ودعمت وزارة الخارجية الأمريكية هذا الموقف في بيان رسمي، وصفت فيه الرواية المنسوبة إلى روبيو بأنها “كاذبة بشكل صارخ”، مؤكدةً أن الولايات المتحدة هي من صاغت الخطة كأساس للتفاوض.

على النقيض تماماً، قدم السيناتور راوندز رواية مختلفة خلال مؤتمر أمني دولي في هاليفاكس بكندا، قائلاً: “اتصل بنا روبيو… وأكد أننا تلقينا اقتراحاً سُلم لأحد ممثلينا. هذا ليس توصيتنا أو خطتنا للسلام، بل هو اقتراح استلمناه… لم ننشر الخطة، بل سُربت”. وزاد السيناتور المستقل أنغوس كينغ من حدة الجدل، حيث نقل عن روبيو وصفه للخطة بأنها “قائمة أمنيات روسية”، مضيفاً أنها “تبدو وكأنها كُتبت بالروسية أصلاً”.

بنود الخطة وردود الفعل الدولية

تتضمن الخطة، التي شارك في صياغتها مبعوثون أمريكيون مثل جاريد كوشنر ومسؤولون روس، تنازلات كبيرة من أوكرانيا. تشمل البنود التنازل عن أراضٍ في دونباس، والتعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، وتقليص حجم الجيش الأوكراني. في المقابل، يُقترح أن تدفع روسيا تعويضات بقيمة 100 مليار دولار لإعادة الإعمار، تديرها الولايات المتحدة جزئياً.

وقد تباينت ردود الفعل الدولية بشكل حاد. رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالخطة واعتبرها “منصفة” وأساساً جيداً للتسوية. في المقابل، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخطة جزئياً، واصفاً إياها بأنها “تخون الشعب الأوكراني” و”تكافئ الغزو”، لكنه أبقى الباب مفتوحاً للحوار. أما في أوروبا، فقد أثارت الخطة غضباً واسعاً، حيث وصفها قادة دفاعيون بأنها تمثل “لحظة فوضوية في السياسة الأمريكية”، معربين عن مخاوفهم من أن تؤدي إلى تقويض الأمن الأوروبي وتشجيع روسيا على المزيد من التوسع، مما يهدد استقرار القارة بأكملها.

spot_imgspot_img