تتجه الأنظار في الأوساط السياسية الأمريكية والدولية نحو التشكيل المحتمل للإدارة الأمريكية القادمة في حال فوز الحزب الجمهوري، حيث يبرز تساؤل جوهري حول مدى تأثير تباين الرؤى بين شخصيات محورية مثل جي دي فانس، المرشح لمنصب نائب الرئيس، والسيناتور ماركو روبيو، الذي يُطرح اسمه بقوة لتولي حقيبة الخارجية، على مسار الحرب في أوكرانيا.
صراع الأجنحة داخل الحزب الجمهوري
لا يمكن قراءة هذا التباين بمعزل عن التحولات الجذرية التي شهدها الحزب الجمهوري في السنوات الأخيرة. يمثل جي دي فانس تيار "أمريكا أولاً" بصورته الأكثر راديكالية، حيث عبر مراراً عن تشكيكه في جدوى استمرار الدعم الأمريكي المفتوح لكييف. يرى فانس أن الأولوية يجب أن تكون لتأمين الحدود الجنوبية للولايات المتحدة ومواجهة التحديات الاقتصادية الداخلية، معتبراً أن العبء الأكبر في دعم أوكرانيا يجب أن يقع على عاتق الدول الأوروبية وليس دافع الضرائب الأمريكي.
ماركو روبيو: الصقر التقليدي والتحولات البراغماتية
في المقابل، يمثل ماركو روبيو الجناح التقليدي للصقور في الحزب الجمهوري، الذي طالما نظر إلى روسيا كتهديد جيوسياسي رئيسي للمصالح الأمريكية. تاريخياً، كان روبيو من أشد المؤيدين لتدخل الولايات المتحدة لضمان الأمن العالمي ودعم حلف الناتو. ورغم أن روبيو قد أبدى مرونة مؤخراً لتناغم مواقفه مع توجهات الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أن جذوره السياسية تختلف جوهرياً عن النزعة الانعزالية التي يتبناها فانس، مما يخلق بيئة خصبة لتجاذبات محتملة حول كيفية إدارة ملف الحرب.
تأثير التباين على مساعي السلام والمساعدات
يثير هذا الاختلاف في وجهات النظر قلقاً في كييف والعواصم الأوروبية. فبينما قد يدفع فانس نحو تقليص المساعدات العسكرية لإجبار أوكرانيا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات وربما تقديم تنازلات إقليمية لإنهاء الصراع بسرعة، قد يميل روبيو إلى نهج أكثر توازناً يضمن عدم خروج روسيا منتصرة بشكل يهدد هيبة الولايات المتحدة. هذا التناقض قد يؤدي إلى سياسة خارجية أمريكية مزدوجة أو مترددة، مما يؤثر بشكل مباشر على المعنويات الميدانية للقوات الأوكرانية وعلى استراتيجية التحالف الغربي بأكمله.
الأبعاد الاستراتيجية والدولية
إن نتيجة هذا التجاذب الداخلي لن تحدد فقط مصير المساعدات المالية والعسكرية، بل سترسم ملامح النظام العالمي الجديد. فانسحاب الولايات المتحدة من دورها القيادي في دعم أوكرانيا، كما يفضل تيار فانس، قد يشجع قوى دولية أخرى على تحدي النفوذ الغربي. ومن ناحية أخرى، فإن استمرار الدعم وفق رؤية روبيو التقليدية قد يعني استنزافاً طويل الأمد للموارد الأمريكية. ويبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن ترامب من صهر هذين التوجهين في استراتيجية موحدة، أم أن الخلافات ستعصف بمساعي واشنطن لإنهاء الحرب؟


