spot_img

ذات صلة

اشتباكات غرب كردفان: معارك محتدمة وتضارب أنباء السيطرة

تشهد ولاية غرب كردفان تصعيداً عسكرياً خطيراً، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وسط تضارب كبير في الأنباء والمعلومات الواردة من أرض الميدان حول الجهة التي تبسط سيطرتها على المواقع الاستراتيجية في المنطقة. وتأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه ضبابية المشهد العسكري، حيث يتبادل الطرفان البيانات التي تؤكد تحقيق انتصارات ميدانية، مما يجعل التحقق المستقل من خريطة السيطرة أمراً بالغ الصعوبة.

الأهمية الاستراتيجية لغرب كردفان

لا يمكن قراءة المعارك الدائرة في غرب كردفان بمعزل عن الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية البالغة لهذه الولاية. تُعد المنطقة عقدة مواصلات حيوية تربط بين ولايات دارفور والعاصمة الخرطوم وكردفان الكبرى، كما أنها تحتضن حقول نفط رئيسية ومحطات معالجة وتصدير البترول التي يعتمد عليها اقتصاد السودان وجنوب السودان. وتضم الولاية مدينة "بابنوسة" الاستراتيجية التي تحوي مقر الفرقة 22 مشاة، وهي واحدة من أهم الحاميات العسكرية للجيش السوداني في الغرب، مما يجعل السيطرة عليها هدفاً محورياً لكلا طرفي النزاع لتأمين خطوط الإمداد وبسط النفوذ.

سياق الصراع والخلفية التاريخية

تأتي هذه المعارك امتداداً للحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). ومنذ ذلك الحين، تحولت مناطق واسعة في الخرطوم ودارفور وكردفان إلى ساحات قتال مفتوحة، أدت إلى تدمير واسع في البنية التحتية ونزوح الملايين. وتمثل غرب كردفان نقطة تماس حرجة نظراً لتداخلها القبلي المعقد وموقعها الحدودي مع دولة جنوب السودان، مما يثير مخاوف من تمدد الصراع ليأخذ أبعاداً قبلية أو إقليمية أوسع.

التداعيات الإنسانية والمخاطر المتوقعة

على الصعيد الإنساني، تفاقم المعارك المستمرة من معاناة المدنيين في المنطقة، حيث أدت الاشتباكات إلى موجات نزوح جماعية من المدن والقرى المتأثرة بالقصف المتبادل. ويواجه السكان نقصاً حاداً في الغذاء والدواء، مع تعطل شبه كامل للخدمات الصحية والأساسية. ويحذر مراقبون دوليون من أن استمرار القتال بالقرب من المنشآت النفطية قد يؤدي إلى كوارث بيئية واقتصادية لا تقتصر آثارها على السودان فحسب، بل تمتد لتؤثر على تدفق النفط من دولة جنوب السودان عبر الأنابيب المارة بالمنطقة، مما يهدد الاستقرار الاقتصادي الإقليمي برمته.

وفي ظل هذا المشهد القاتم، تظل الدعوات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات تصطدم بإصرار الطرفين على الحسم العسكري، مما يترك ولاية غرب كردفان وعموم السودان أمام مستقبل محفوف بالمخاطر وعدم اليقين.

spot_imgspot_img