تمكنت قوات الجيش اليمني من إحباط هجوم واسع شنته جماعة الحوثي على مواقع عسكرية استراتيجية في قطاع جواس، الواقع شرق محافظة الجوف شمالي اليمن. وشهد الهجوم، الذي وقع يوم السبت، تطوراً لافتاً تمثل في استخدام الحوثيين للطائرات المسيرة للمرة الأولى في هذه الجبهة، في تصعيد يعكس محاولاتهم المستمرة لزعزعة استقرار المنطقة.
ووفقاً لمصادر عسكرية ميدانية، تصدت وحدات من المنطقة العسكرية السادسة ببسالة لمحاولة التسلل الحوثية التي كانت تهدف إلى السيطرة على مواقع حيوية ضمن خطوط التماس. ودارت مواجهات عنيفة استمرت لساعات، نجحت خلالها القوات الحكومية في كسر الهجوم ودحر المهاجمين، وإجبارهم على التراجع والفرار بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.
ولم تقتصر خسائر الحوثيين على المواجهات المباشرة، حيث أفادت المصادر بأن الطيران المسير التابع للجيش اليمني لاحق الأطقم الحوثية المنسحبة، ونجح في استهداف عدد منها وتدميرها، مما زاد من حجم الخسائر البشرية والمادية في صفوفهم. وفي تطور آخر، أدى انفجار لغم أرضي، كانت الجماعة قد زرعته في وقت سابق، إلى مقتل وإصابة عدد من عناصرها أثناء محاولتهم الفرار من ميدان المعركة، مما يعكس خطورة الألغام التي تشكل تهديداً دائماً في مناطق الصراع.
سياق الصراع وأهمية الجوف الاستراتيجية
تأتي هذه المواجهات في سياق الصراع الممتد في اليمن منذ أكثر من عقد، والذي بدأ بسيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014. وتعتبر محافظة الجوف، بمساحتها الشاسعة وموقعها الحدودي مع المملكة العربية السعودية، ذات أهمية استراتيجية بالغة لكلا الطرفين. فهي تشكل عمقاً استراتيجياً وممراً حيوياً لعمليات التهريب، بالإضافة إلى احتوائها على موارد طبيعية محتملة، مما يجعل السيطرة عليها هدفاً رئيسياً في الحرب.
تأثير العمليات العسكرية على خطوط الإمداد الحوثية
يُعد هذا الهجوم هو الثاني من نوعه الذي تشنه جماعة الحوثي على قطاع جواس خلال أربعة أيام فقط، ويتزامن مع تصعيد القوات الحكومية لعملياتها العسكرية والأمنية في المناطق الصحراوية شرق الجوف. وتأتي هذه العمليات ضمن خطة انتشار أمني جديدة تهدف إلى مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات، وتجفيف منابع الدعم اللوجستي والمالي للحوثيين. وقد نجحت القوات الحكومية مؤخراً في إحكام سيطرتها على العديد من خطوط التهريب والممرات غير القانونية، وفرض رقابة مشددة على تحركات العناصر المسلحة، وهو ما يفسر المحاولات الحوثية اليائسة لفتح ثغرات في هذا الطوق الأمني.


