تشهد الساحة الدولية حراكاً دبلوماسياً مكثفاً مطلع هذا الأسبوع، حيث من المقرر أن يعقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اجتماعاً هاماً مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الإثنين، وذلك في إطار المساعي المستمرة لتعزيز الدعم الأوروبي لكييف في مواجهة الغزو الروسي المستمر. ويأتي هذا اللقاء بالتزامن مع الإعلان عن اجتماع أمريكي أوكراني مرتقب غداً، مما يسلط الضوء على تنسيق المواقف بين الحلفاء الغربيين.
أجندة القمة الفرنسية الأوكرانية
من المتوقع أن يركز اللقاء بين زيلينسكي وماكرون في قصر الإليزيه على مناقشة الاحتياجات العسكرية العاجلة للجيش الأوكراني، بما في ذلك تعزيز أنظمة الدفاع الجوي وتوفير الذخائر بعيدة المدى. وتلعب فرنسا دوراً محورياً في التحالف الأوروبي الداعم لأوكرانيا، حيث سبق لباريس أن زودت كييف بمدافع "قيصر" وصواريخ "سكالب"، فضلاً عن تدريب آلاف الجنود الأوكرانيين على الأراضي الفرنسية. ويسعى زيلينسكي من خلال هذه الزيارة إلى ضمان استمرار تدفق المساعدات العسكرية والاقتصادية، خاصة في ظل التحديات الميدانية التي تواجهها القوات الأوكرانية على الجبهات الشرقية والجنوبية.
الدعم الأمريكي والشراكة الاستراتيجية
على الجانب الآخر من الأطلسي، يكتسب الاجتماع الأمريكي الأوكراني المقرر غداً أهمية قصوى، حيث تعد الولايات المتحدة الداعم العسكري الأكبر لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022. وعادة ما تتناول هذه الاجتماعات تفاصيل حزم المساعدات الجديدة، والخطط الاستراتيجية للعمليات العسكرية، بالإضافة إلى مناقشة العقوبات المفروضة على روسيا. ويأتي هذا التنسيق في وقت حساس يتطلب وحدة الصف بين واشنطن وكييف لضمان استدامة القدرات الدفاعية الأوكرانية.
سياق الصراع والأبعاد الجيوسياسية
تأتي هذه التحركات الدبلوماسية في وقت تدخل فيه الحرب الروسية الأوكرانية مراحل معقدة، حيث تحولت إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. وتدرك القيادة الأوكرانية أن الحفاظ على الزخم الدبلوماسي مع القوى الغربية هو طوق النجاة الوحيد للصمود أمام الآلة العسكرية الروسية. تاريخياً، شكلت العلاقات مع فرنسا والولايات المتحدة ركيزة أساسية في استراتيجية الأمن القومي الأوكراني بعد عام 2014، وتعمقت هذه العلاقات بشكل غير مسبوق بعد الغزو الشامل.
التأثيرات المتوقعة محلياً ودولياً
من المرجح أن تسفر هذه اللقاءات عن تعهدات جديدة بالتسليح أو الدعم المالي، مما قد يؤثر بشكل مباشر على موازين القوى على الأرض. إقليمياً، تبعث زيارة زيلينسكي لباريس برسالة قوية حول وحدة الموقف الأوروبي ورفض محاولات تغيير الحدود بالقوة. أما دولياً، فإن استمرار التنسيق عالي المستوى بين كييف وواشنطن وباريس يؤكد عزم الغرب على عدم السماح بانتصار روسي، وهو ما قد يدفع موسكو إلى إعادة حساباتها الاستراتيجية أو تصعيد خطابها السياسي تجاه الناتو.


